خطوات البداية للسلطة الجديدة

خطوات البداية للسلطة الجديدة

فبراير 15, 2021 - 19:35

بقلم الكاتب الصحفي عبدالله الكبير

 تباينت المواقف من زيارة رئيس المجلس الرئاسي الجديد محمد  يونس المنفي إلى بنغازي ولقائه مع حفتر بين مرحب ورافض ومتفهم. وهي مواقف متوقعة لوجود الشخص الرئيس في أزمة ليبيا بجوار الرئيس الجديد. بعض ردود الفعل المستهجنة كانت متأثرة بخسارة قائمة عقيلة/باشاغا في حوار جنيف، وهذا غريب بالطبع! أليس عقيلة هو الشريك الأول لحفتر ويتحمل معه المسؤولية في كل الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها عصاباته؟ وكان سيهرع للقاء حفتر إذا فاز برئاسة المجلس الرئاسي بصورة أكثر احتفالية. أليس عقيلة صالح هو من منح الغطاء السياسي والترقيات العسكرية لحفتر وبارك هجومه على طرابلس؟ فلماذا الاحتجاج إذا؟

 مسار جنيف تجنب الخوض في مصير حفتر، لأن طرح الموضوع سينسف الحوار قبل أن يبدأ، وسيرفض انصاره في الملتقى أي مبادرة لازاحته. ومن ثم فحفتر طرف في الصراع ولون في الطيف السياسي الليبي وفقا لرؤية البعثة وتصريحات ستيفاني وليامز.

 لقاء المنفي بحفتر تحصيل حاصل، فلا أحد بوسعه العمل في الشرق دون رضا وقبول حفتر، حتى لو كان أصيل المنطقة وابن إحدى قبائلها. ربما تولدت الصدمة من السرعة التي تم بها اللقاء وقبل أن تستلم السلطة الجديدة مهامها بشكل رسمي.

  أحداث الزيارة واللقاء كشفت عن المعاناة التي يكابدها حفتر للحفاظ على نفوذه، والحد من التصدع في صرح السلطة الذي أقامه في الشرق. فمنع وسائل الإعلام من تغطية وصول المنفي، ونشر صورة وحيدة وهي التي جمعت المنفي مع حفتر، وتأجيل نشر صور استقبال المنفى في المطار وصور لقاءته الأخرى اكثر من ست ساعات، هي علامات واضحة على استغلال الزيارة للدعاية لحفتر والإيحاء بأنه تجاوز الصدمة ولم يتأثر نفوذه بالهزيمة، وهذا سيبعث الطمأنينه في نفوس أنصاره والاحباط لدى خصومه. فانتشار الخبر والصور من مصادر مختلفة يعني التنوع وينذر بعودة النشاط الإعلامي خارج سيطرة أجهزة حفتر، كما يتعذر مع زحام الكاميرات ضبط الصور وصياغات الخبر المنتشر عبر الوكالات والمنابر الإعلامية المختلفة، وفي زحام الصور قد يضيع التركيز علي الصورة الوحيدة المطلوب انتشارها قبل أي صورة أخرى، لتكريس الصورة السابقة لحفتر، وترميم التصدعات والشروخ التي أصابت صورته وهيبته. كما أن ظهوره مع المنفي وإعلان الترحيب بالسلطة الجديدة ودعمها يعد رسالة للقوى الدولية يعلن من خلالها قبوله ورضوخه للإرادة الدولية والتجاوب مع مسارات الأمم المتحدة، ليتجنب تصنيفه ضمن المعرقلين، خاصة مع تضخم ملف جرائم مليشياته والاهتمام الدولي بالمقابر الجماعية المكتشفة في ترهونة عقب انكسار حملته وهزيمته.

 زيارة المنفى لبنغازي ومدن الشرق الأخرى، وتحاوره مع القوى السياسية والاجتماعية بداية طبيعية ومقدمة جيدة للانطلاق نحو الغرب والجنوب، لنيل الدعم للسلطة الجديدة، وقد اتخذ رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة الخطوة نفسها باللقاء مع القوى السياسية والاجتماعية في مصراتة للتشاور والاستماع، قبل طرح رؤيته وبرنامج حكومته. فهو أيضا بحاجة إلى دعم قوى مدينته واتحادها خلف حكومته، وكان الأفضل لو تم الاجتماع في قاعة عامة وليس في بيته لتتحرر الآراء من قيود آداب الضيافة. وبعد ضمان الحصول على الدعم من القواعد الرئيسية لكل من المنفي والدبيبة تبدأ رحلتهما إلى المدن الأخرى، والتي ينبغي أن لا تتجاهل أي طرف. فالمنفي لابد أن يتواصل مع مهجري بنغازي ودرنة، ولابد للدبيبة أن يزور مدن الشرق والجنوب.

 التحديات التي ستواجه السلطة الجديدة عديدة، والوقت الممنوح حتى الموعد المحدد للانتخابات غير كاف لتحقيق كل الوعود، ومع ذلك يتفاءل بها الكثيرون لخلوها من الشخصيات الجدلية والمرفوضة من غالبية الشعب، ومن ثم لا مواقف مسبقة لدى أي طرف من شخصيات السلطة، وهذا سيفتح أمامها أبواب التواصل والتعاون مع الجميع.

 المناخ السائد والمزاج العام للناس يمضي نحو نبذ الحروب والصراعات، فالارهاق والتعب أصاب الجميع تقريبا، وعلى الطبقة السياسية خاصة مجلس النواب أن تكف عن المماطلة والمناكفة، وتستجيب للتحولات الجارية لكي تتمكن السلطة الجديدة من تخفيف معاناة الناس بتحسين الخدمات، وتوفير مستلزمات الحياة، والتصدي لجائحة كورونا، وتهيئة البلاد لاستحقاق الانتخابات.

(المقالات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل عن رأي كتّابها)