في اي اتجاه سيمضي المسار السياسي ؟

في اي اتجاه سيمضي المسار السياسي ؟

مارس 01, 2021 - 16:14

عبد الله الكبير.. كاتب صحفي

رغم موجة التفاؤل بنجاح الملتقى السياسي الليبي في تشكيل سلطة تنفيذية جديدة في جنيف، تنهي حالة الانقسام وتعبد الطريق إلى انتخابات ديسمبر، إلا أن نيل هذه السلطة الاعتراف والقبول من بعض القوى السياسية والعسكرية لايبدو واردا حتى الآن. 


 فالبرلمان المنقسم لم يتخذ أي خطوة جادة نحو الالتئام والعودة للنهوض بدوره حسب خارطة الطريق لمنح الثقة للحكومة والتشريع لها ومراقبتها، وانشغل رئيسه وبعض النواب في السعي للحصول على مواقع في الحكومة مقابل التصويت لها عند عرضها على البرلمان، واحتدم الخلاف حول مكان عقد الجلسة بين عدة مدن. وبعد دعوة رئيسه لعقد جلسة في الثامن من الشهر الجاري بسرت وتعهد لجنة 5+5 العسكرية بتأمين مكان في سرت لعقدها، يتضح أن ثمة إصرار دولي على التئام المجلس ومنح الثقة للحكومة والمضي في تنفيذ الخطة الأممية، ومع ذلك لا نستبعد أحجام عدد لا يستهان به من النواب عن الالتحاق بجلسة سرت أن عقدت ولا يصل البرلمان إلى النصاب المطلوب لمنح الثقة للحكومة، أو تعطيل الجلسة كما حصل في عام 2016 لحكومة السراج، ومن ثم يؤول الأمر من جديد إلى أعضاء الملتقى السياسي.


 في خضم الجدل حول التشكيلة الحكومية والمواقف المختلفة للنواب نشرت وكالة فرانس تقريرا مثيرا عن ماوصفته بشبهة الرشاوى لبعض أعضاء لجنة الحوار السياسي لتمكين عبدالحميد الدبيبة من الفوز بمنصب رئيس الحكومة، وقالت الوكالة أن هذه التهم عن الرشاوى وردت في تقرير سري لخبراء مجلس الأمن المعنيين بمتابعة كافة التطورات في ليبيا سيعرض على مجلس الأمن منتصف هذا الشهر ثم ينشر كالتقارير السابقة أو يحجب حسب مواقف الدول الفاعلة في مجلس الأمن. 


 تسريب مقتطفات من التقرير السري ونشرها عبر وكالة أنباء فرنسية في هذا التوقيت يكشف أن ثمة طرفا دوليا فاعلا غير راض عن العملية السياسية، ويرغب في تعطيلها ومحاولة إعادة صياغتها بما يتفق مع مصالحه. لأن نشر التسريب جرى في وقت بالغ الحساسية يتماهى مع مساعي أطراف محلية على وشك مغادرة السلطة في افشال نيل السلطة الجديدة الثقة والاعتماد من البرلمان ليستمروا في مواقعهم. كما أن التسريب وضع أعضاء الملتقى السياسي في دائرة الشك لأن التسريب لم يتضمن أسماء، مادفع بعضهم إلى مخاطبة البعثة الأممية مطالبين بنشر التقرير وإعلان أسماء المتورطين لتبرئة أنفسهم من الشكوك، وإذا لم يوافق مجلس الأمن على نشر التقرير فهذا سيزيد من الشكوك في نزاهة العملية السياسية برمتها، وإذا نشر ولم يتضمن إضافة واضحة لما سرب تكشف المزيد من المعلومات وتقلص دائرة الاتهام سيتلاشى تأثيره ولن يشكل حجة لمنع عملية نقل السلطة.


 الأيام القليلة المقبلة ستكون حاسمة في تقرير نجاح مسار الخطة الأممية أو تعطلها وارتباكها. يتوقف الأمر على مدى استمرار الدعم الأمريكي والأوربي واستجابة الأطراف المحلية ورضوخها للضغوط المحتملة من القوى الكبرى، فلا يمكن بناء على الوضع الراهن الجزم بالاتجاه الذي سيمضي فيه المسار السياسي المعقد.

(المقالات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل عن رأي كتاّبها)