حراك انتخابات 24 ديسمبر

حراك انتخابات 24 ديسمبر

مارس 15, 2021 - 15:59

الكاتب الصحفي عبدالله الكبير

تحديد موعد الانتخابات العامة في 24 ديسمبر من هذا العام هو أبرز نتائج حوارات الملتقى السياسي. صحيح أن بنود الاتفاق الأخرى مهمة وتشكل الأساس الضروري للتمهيد للانتخابات، ولكن تضمين الموعد في وثيقة الملتقى وإلزام كل المرشحين والقوى السياسية بالتعهد خطيا باحترام كافة بنود الاتفاق هو الخطوة الأولى نحو انجاز هذا الاستحقاق في موعده دون مماطلة وتلكؤ، فالأطراف السياسية المتصدرة للمشهد لاتريد انتخابات في حكم المؤكد أنها ستطيح بها من السلطة، وتدرك أن فرصتها في العودة للسلطة لو ترشحت للانتخابات معدومة تقريبا. فغالبية الشعب على يقين بأن هذه الكيانات والشخصيات هي أحد الأسباب الرئيسية في هذا الدرك الذي انحدرت فيه البلاد.

 ولكن هل يكفي التوافق على موعد تنفيذ هذا الاستحقاق، مع الذي حظي به والتأكيد عليه في البيانات الصادرة عن القوى الدولية الكبرى ومجلس الأمن؟ بالطبع لا، إذ عودتنا التجربة منذ عام 2014 حتى اليوم أن الكيانات الحالية وخاصة مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة لا تريد المغادرة، من دون تجاهل الاستثناء في ترحيب رئيس المجلس الرئاسي بالسلطة الجديدة واستعداده لتسليم المهام والواجبات لها. لكنه الاستثناء الذي يثبت القاعدة.

 الخطوة التالية والحاسمة هي الحراك الشعبي المنظم والمؤطر قانونيا بمنظمات المجتمع المدني، فتعهد رئيس الحكومة بالالتزام بموعد الانتخابات لايكفي، وحتى إذا حسنت النوايا فينبغي أن نتوقع قيام بعض الشخصيات أو الكيانات بافتعال العراقيل والدفع نحو تأجيل الموعد إلى أجل لاحق قد لايأتي. لذا لا مندوحة عن الاستعداد للتحرك عبر المظاهرات والعصيان المدني والمحلات الإعلامية بشكل منظم إذا ظهرت ملامح تعطيل أو عرقلة.

 الخبر الجيد ورد من طرابلس قبل أيام بالإعلان عن تجمع ضم مؤسسات مجتمع مدني ونشطاء سياسيين لإشهار تيار انتخابات 24 ديسمبر الذي يهدف إلى التمسك بإجراء الانتخابات في موعدها، وتكريس حق المواطن في اختيار من يدير شؤونه، وقطع الطريق على أي محاولة للتعطيل أو التأجيل. انطلاق هذا الحراك من طرابلس خطوة بالغة الأهمية بانتظار أن تمتد إلى بقية المدن القريبة والبعيدة، فالانتشار على امتداد الوطن مع وحدة الهدف يسهل التنسيق للتحرك في وقت واحد، بالنزول للشوارع والميادين ومطالبة الجميع بالإلتزام بموعد الانتخابات إذا حاول أي طرف وضع عراقيل تحول دونها، أو أستمر مجلسا النواب والدولة في تعطيل المسار الدستوري المنظم للانتخابات.

 شهوة السلطة المستفحلة لدي جل الشخصيات التي طفت على السطح بعد ثورة فبراير، رغم قلة تجربتها السياسية وخلوها من موهبة القيادة، يؤكد أن الاستعداد لمواجهتها سلميا عبر تفعيل الآليات المتعارف عليها في الثقافة الديمقراطية ينبغي أن يبدأ الآن. فالأغلبية، وربما الجميع، لن يغادروا إلا مكرهين تحت وطأة الشوارع والميادين وهي تهتز مطالبة بالتغيير.

 وتبقى الانتخابات وسيلة وليست غاية، ولا ينبغي أن نرفع سقف التوقعات عاليا، فما تراكم خلال السنوات والعقود الماضية، فضلا عن المشاكل البنيوية القديمة بحاجة إلى زمن طويل يتجاوز الجيل الحالي لمعالجته، فلن تتغير الأوضاع في الأيام التالية للانتخابات، ولكن الطريق يبدأ بها لاستعادة السيادة وتعزيز السيطرة على القرار الوطني، والحد من هذا الهدر في الثروات الوطنية.

 استعادة الوطن تبدأ بإسقاط هذه الكيانات المترهلة والشخصيات الهزيلة الجاثمة على صدورنا سلميا عبر صناديق الاقتراع. والتأسيس لثقافة توجه المرشح لأي منصب إلى الناخبين لطرح رؤيته ومشروعه والسعي لاقناعهم ونيل رضاهم، لا السفر إلى الخارج بحثا عن تزكية من العواصم الدولية والاقليمية.

(المقالات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل عن رأي كتاّبها)