زيد مرتبات زيد دقيق

زيد مرتبات زيد دقيق

مايو 29, 2021 - 16:05

عبد الرزاق الداهش | كاتب وصحفي ليبي

من السهل تملق عواطف الناس، بالكلام عن زيادة المرتبات، وتنزيل سعر صرف الدولار، وفتح حنفية التعيين.

ولكن هل تستطيع كسب رضى الشارع، دون أن تخسر ضميرك؟.

زيادة في المرتبات لابد أن تمتصها زيادة في الأسعار.

وتبعا لهذه الحقيقة، سيتم اللجوء في كل مرة، لزيادة المرتبات، في محاولة لامتصاص ارتفاع الأسعار.

وعلى هذا النحو سنظل ندور في حلق غير منضبطة:  "زيد مرتبات زيد دقيق"، إلى أن لا نجد لا ماء ولا دقيق.

مرتب يتجاوز العشرين ألف دينار، وأخر تحت خط الخمسمئة، هذا إجحاف، وظلم في دولة تعتمد النفط، هبة الجيولوجيا.

مرتب لسائق في أحد الاجهزة الرقابية يساوي أكثر من ثلاثة اضعاف سائق في التعليم، ايضا إجحاف، وظلم.

وجود أكثر من مليوني إلا ربع موظف في دولة لا يتخطى رقم سكانها الثمانية مليون، هو تهديد للأمن القومي.

زيادة المرتبات، وزيادة التوظيف في الحكومة ليس الحل الامثل، ولكنه الاسهل.

غير أن ذلك تماما كمن لم يستطع دفع فاتورة الفندق، فيلجأ الى تمديد الإقامة.

المرتبات الهزيلة لا تعني فقط موظف فقير، ومتذمر، ومحبط، بل تعني موظف قابل ليكون مرتشي، وكسول، وحتى سارق، من اجل دخل إضافي يؤمن له مستوى معيشي مأمول، أو حتى مقبول.

زيادة المرتبات تعني زيادة الطلب على النقد الاجنبي،  تعني رفع الشهية الاستهلاكية في دولة تعتمد على السوق الخارجي في كل شيء، من الدبوس، الى طائرة الاير باص.

والمحصلة الختامية، سنجد انفسنا، بين ثلاثة خيارات، أو اضطرارات، بدون رابع.

الخيار الأول:،هو وضع قيود على مبيعات النقد الأجنبي، وقد جربنا فجوة اسعار الدولار بين سوف المشير، ومصرف الكبير، اضف إلى ذلك فساد الاعتمادات، وأزمة سيولة حادة، وباقي التشوهات، ومستحضرات المأساة. 

والخيار الثاني (أفضل السيئين) هو تعديل سعر الصرف كل مرة، وتخفيضات مؤلمة لقيمة الدينار الليبي، والبحث عن شبكة امان غالبا ما تكون بائسة، واقتصاد مترهل.

والخيار الثالث الأسوأ: هو رفع القيود، ورفع الاجور، وأخذ اسرع اوتوستراد باتجاه محطة الإفلاس.

مهمة الحكومة ينبغي أن تكون تحسين سوق العمل لا أن تكون سوق العمل.

ومهمة الحكومة هي تحسين جودة الحياة، من خلال رفع الدخل الحقيقي، وليس رفع المرتب.

ومهمة الحكومة تحويل الصورة الذهنية للناس، من ثقافة المرتب الامن، إلى الاقتصاد الامن، ومن الاجر مقابل الوظيفة، إلى الاجر مقابل العمل.

سكة المرتبات خط أحمر، هي من ستمضي بنا إلى الوضع الأخطر.

(المقالات المنشورة لا تُعبّر بالضرورة عن رأي الموقع، بل عن رأي كتّابها)