أنّات 1996 

أنّات 1996 

أغسطس 26, 2021 - 15:49

مقال بقلم فرج كريكش

فرج كريكش

أن تنام وجلبة التلفاز أو المذياع تطبل فوق رأسك ليس أمرا ً مستغربا، بل إن أناسا أعرفهم يحبون النوم على صوت أغنية يحبونها او أحداث مسلسل يتابعونه بدون أي ازعاج  

ولكن أن تحاول النوم ومكبر صوت يشبه مكبرات صوت المساجد - حاشا المساجد - في قلب حجرتك فذلك لا يحدث الا في سجن بوسليم  

ما إن يغلبك النعاس قليلا حتى يخلع قلبك صوت المذيع وهو يقول: صوت الوطن العربي الكبير صوت اللجان الثورية  

وإذا استغرقك النوم رغم كل ذلك الصخب فإن حماسة عبد الحليم حافظ وهو يغني رميت الورد طفيت الشمع يا حبيبي، توقظك ولا شك  

أكرر أنا أتكلم عن مكبر صوت وليس مذياعا ولا تلفازا  

كان الوضع مقززا ومستفزا عن عمد لكي لا نستمتع حتى بسكون السجن ولا ظلامه !!  

ولكن وعلى أية حال استطعنا أن نستوعب هذا الضجيج ونتعايش معه إذ أنه لا يخلو في نهاية الأمر من متعة أحيانا كأن يغني محمد حسن بعد منتصف الليل: الليل ليّل والخواطر ضاقن .. وعيون ريدي لا لفن لا تاقن  

فينتاب الجميع شجن كل حسب مراده من أم رؤوم او زوجة مشتاقة أو طفل يكبر عن بعد أو حبيبة تحلم بيوم الزفاف 

ويبدو أن المكر لم يبلغ مراده لأن الحرس شعروا أن الأمر لم يستفزنا بما يكفي فتخيلوا ماذا صنعوا؟  

لقد أشار عليهم حاقدٌ داهية أن يستبدلوا هذه الأغاني وقنوات الراديو، بخطب معمر القذافي !! 

تخيلوا مكبر صوت يصدح بخطابات القذافي 24/24 ساعة بدون توقف  

فكيف بالله عليك ستطيق نوما او تجمع ذهنك على مراجعة للقرآن أو أن تستمع بحديث رائق مع سجين بجوارك لا يستبين كلامك ولا يسيغه 

إزعاج خارق للعادة دعاني و الحال كذلك أن أُكتب كلاماً يشبه الشعر قلت فيه  

حمار قريتنا !!  

صوت الحمير مزعج  

والأكثر إزعاجا  

نهيق هذا الحمار  

فهو لا ينهق كلاما فارغا 

لكنها نظريات  

وأطروحات وأفكار 

فحضرته مفكر ومنظر 

ومعلم وحمار !! 

يتأنق كما يتأنق الآدميون  

لكنه حمار 

يحسن القراءة والكتابة 

ونظم القوافي والاشعار 

لكنه حمار 

يتأنق كما يتأنق الآدميون  

لكنه حمار 

يحسن القراءة والكتابة 

ونظم القوافي والاشعار 

لكنه حمار 

لا يروق له أكل الشعير 

ولا يدس مزوده في خشاش الأرض  

كما تفعل باقي الحمير 

ويأكل الكعك 

ويشرب الكاكاو 

في وجبة الافطار 

لكنه حمار 

يحفظ أسعار العملات 

والذهب والدولار 

لكنه حمار 

صوره تملأ الصحف والمجلات 

ونراه مبتسما 

وشاخص الأذنين 

في سائر نشرات الأخبار 

لكنه حمار 

حمار قريتنا ليس كمثله حمار 

لا يركبه الناس  

ولكن هو من يركب الناس في 

وضح النهار 

تعبده قرية العار 

كما تعبد في الهند الأبقار  

فألف أف وألف تف 

وألف ذلة وألف صغار 

ان فرعونا استخف قومه فأطاعوه 

فأدخلهم الله النار 

فكيف يفعل الله بقوم يستخفهم حمار؟؟ 

 

(المقالات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل عن رأي كاتبها)