انتخابات أم حكومة موازية في الشرق ؟

انتخابات أم حكومة موازية في الشرق ؟

أكتوبر 11, 2021 - 11:39

الكاتب الصحفي عبدالله الكبير

الكاتب الصحفي عبدالله الكبير

بعد فشل خطة سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية بسبب الاحتجاجات الشعبية والمظاهرات العارمة ومواقف مجالس بلدية من كل انحاء ليبيا رفضا لهذه الخطوة، مع موقف حاسم من الدول الغربية والأمم المتحدة ممثلة في بعثتها إلى ليبيا مساند للحكومة، يسلك تحالف حفتر وعقيلة صالح طريقا آخر لعرقلة الانتخابات المقررة في ديسمبر، وتحميل المسؤولية للحكومة والأطراف السياسية الأخرى، بمحاولة اضعاف الحكومة عبر سحب وزراء ووكلاء المنطقة الشرقية منها.


 بيان نائب رئيس الحكومة عن الشرق حسين القطراني الذي انتقد فيه أداء رئيس الحكومة، واتهمه بالتفرد بالقرار كان الخطوة الأولى في هذا الاتجاه، وسيحدد رد فعل الحكومة والمواقف الدولية الخطوات التالية، إما نحو التصعيد باستقالة جماعية لوزراء ووكلاء الشرق في الحكومة فتسقط عنها صفة حكومة الوحدة الوطنية، أو ينجح رئيس الحكومة والأطراف المؤيدة لها في ترويض هذا التمرد عبر الحوار، وتنفيذ بعض المطالب الواردة في بيان القطراني، وسيكون للمواقف الدولية خاصة الموقف الأمريكي تأثير حاسم على نوع الخطوات المقبلة. 


 بعض الأسباب الواردة في بيان الاحتجاج علي رئيس الحكومة وجيهة وتستدعي المعالجة، لكن ليس إلى حد حشد الوزراء والوكلاء وبعض المجالس البلدية والجهر بالاحتجاج. إذ كان بالإمكان معالجة هذه الأسباب داخل اجتماعات مجلس الوزراء، أو في اجتماع خاص بين رئيس الحكومة واعضاؤها من المنطقة الشرقية. وإذا تعذر الوصول إلى حلول منصفة يصبح من حق القطراني التصعيد والتلويح بالاستقالة، ولكن الحقيقة هي غير ذلك تماما، وحجة التهميش، ومطالب بعض الفئات الاجتماعية بحقوقها لم تكن إلا ذريعة وواجهة للهدف السياسي غير المعلن لهذا التصعيد، الذي تقف وراءه العائلة الحاكمة في الشرق. حفتر وابناؤه. 


 فليس من حق نواب رئيس الحكومة أو الوزراء المطالبة بتسمية وزيرا للدفاع، طالما تحمل رئيس الحكومة هذه المسؤولية مع مسؤولياته الأخرى، كما أنها وزارة غير مهمة في المرحلة الحالية، فليبيا لا تتعرض لعدوان أو تهديد خارجي حتي تركز الحكومة جهودها في المواجهة عبر وزارة الدفاع، وثمة قضايا وملفات أكثر إلحاحا وتستدعي معالجتها بشكل عاجل، وإذا كان الهدف من تفعيل الوزارة هو توحيد القوى العسكرية، فلابد أولا من اعتراف كل هذه القوي بالحكومة والخضوع لقراراتها، وبخارطة الطريق للحل السياسي، وهذا لم يحدث من قبل حفتر ومليشياته، بل ما حصل هو العكس تماما ومنعت الحكومة من عقد اجتماعها في بنغازي لأنها لم تقدم فروض الولاء والطاعة لحفتر، ولم يذهب رئيسها لحفتر طالبا وده ورضاه، كما فعل غيره في الحكومات السابقة بإستثناء حكومة الإنقاذ. 


 يحتاج حفتر لوزارة الدفاع ليسيطر عليها من خلال تسمية شخصية مقربة منه ليتصرف في الميزانية المخصصة لها بتسديد ديونه، ومنح العطاءات والرشاوى لمليشياته وللقيادات الاجتماعية الموالية له، وكذلك في تقديم المستندات الرسمية باسمها لفريق المحاماة، الذي يترافع نيابة عنه في محاكمته بأمريكا علي جرائم الحرب التي ارتكبتها عصاباته في حربه المزعومة ضد الإرهاب، ويسعى لمنحه حصانة من المحاكمة بالاستفادة من قوانين الدولة الليبية ومستنداتها الرسمية. 


 مشهد التصعيد ضد الحكومة والتلويح باستقالة أعضاء إقليم برقة ليس جديدا، إذ سبق لعلي القطراني نائب رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج أن علق عضويته في الحكومة عدة مرات ثم خرج منها، ثم تبعه النائب الآخر فتحي المجبري، وكانت طموحات حفتر في الحكم بتقويض الحكومة، وعرقلة أي مشروع لها في جمع شتات البلاد هي السبب الرئيس في إثارة المشاكل، ووضع العراقيل أمام أي وفاق يهمش حفتر، ويشق طريقا نحو وفاق حقيقي يصل بالبلاد إلى الاستقرار ومواجهة كافة التحديات، وبين القطراني الأول والقطراني الثاني لم يتغير المشهد كثيرا رغم كل الجهود الدولية.


 وبموازة بيان احتجاج القطراني أصدر أحد نواب حفتر في البرلمان بيانا يهدد فيه بإغلاق قطاع النفط، الورقة الأخرى التي يلوح حفتر باستخدامها كلما تأزمت أوضاعه، أو شعر بأن الخناق بدأ يضيق عليه. 


 الخلاصة هي أننا إزاء فصل جديد مطابق لفصول سابقة يحرك فيها حفتر وعائلته أوراقهم حسب تطورات الأوضاع السياسية، رغم أن الموقف الدولي يحمل قدرا لابأس به من الإختلاف هذه المرة، بسبب الانخراط الأمريكي المتنامي في الأزمة الليبية. وعلى ضوء هذا الموقف وردود الفعل الدولية والإقليمية علي هذه التطورات سنعرف هل ستجرى الانتخابات في موعدها؟ وهو الاحتمال الأبعد بالنظر إلى استمرار حالة عدم التوافق علي القاعدة التشريعية وقوانين الانتخابات. أم ستتشكل حكومة موازية في الشرق بعد نهاية يوم 24 ديسمبر من دون أن تجرى الانتخابات؟ وهو الاحتمال الأقرب.

                         (المقالات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل عن رأي كاتبها)