استبدال الحكومة أم التغيير الشامل؟ 

استبدال الحكومة أم التغيير الشامل؟ 

يناير 17, 2022 - 11:21

الكاتب الصحفي #عبدالله_الكبير

الكاتب الصحفي #عبدالله_الكبير

 ستشهد الأسابيع والشهور القليلة المقبلة قبل منتصف العام استئناف الخلاف والجدل بين موقفين متناقضين. الأول هو موقف الأطراف المحلية والدولية الراغبة في الحفاظ على زخم الانتخابات، وسرعة تنفيذها. والآخر هو موقف أطراف تريد إبعاد شبح الانتخابات، لتكرس استمراراها في المشهد، وتحرف الاهتمام عن التغيير الشامل عبر الانتخابات إلى التركيز  على تغيير الحكومة، وإعادة توزيع المناصب السيادية، مسنودة بشخصيات من خارج مواقع السلطة، وتعمل من أجل العودة عبر مسار تغيير الحكومة. 

الطرف الأول هو غالبية الشعب الذي يعاني من سوء الخدمات وارتفاع الأسعار، ويرى في الانتخابات أملا ربما يحقق له بعض الاستقرار وتحسن الأوضاع، وكذلك المترشحون لمجلس النواب، وبعض المترشحين لمنصب الرئيس، بحثا عن فرصة تقودهم للوصول إلى مواقع السلطة والنفوذ. وتساند هذا الموقف بقوة بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، والإدارة الأمريكية ممثلة في سفيرها ومبعوثها الخاص إلى ليبيا ريتشارد نورلاند.

  أما الطرف الآخر فيضم غالبية الشخصيات والكيانات المتصدرة للمشهد السياسي والعسكري، المسنود بعضها بقوى دولية واقليمية ماتزال مترددة في حسم موقفها من الانتخابات، خشية سقوط حلفائها من مواقعهم، ومن ثم قد تفقد نفوذها وتأثيرها ومصالحها. 

 الحملات الإعلامية الموجهة ضد الحكومة بدأت مبكرا، وقبل أيام أصدر فصيل من مجلس النواب بيانا يطالب فيه بإضافة بند تغيير الحكومة إلى جدول أعمال المجلس، ولا شك أن التصعيد ضد الحكومة في هذه المرحلة، ومع نفاد الوقت تدريجيا قبل موعد نهاية خارطة طريق تونس جنيف في يونيو المقبل، سيؤجل معالجة العقبات في طريق الانتخابات، لذلك كانت التصريحات الاستباقية من السفير الأمريكي ريتشارد نورلاند، ومستشارة الأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني وليامز تصب في اتجاه ضرورة انجاز الانتخابات، التي ستقود إلى الانتقال نحو وضع يرتكز على أساس شرعي وقانوني يوحد المؤسسات، وتتشكل من خلاله حكومة منتخبة بصلاحيات كاملة.

 ملامح الصدام آخذة في التشكل. فتشكيل لجنة برلمانية لوضع خارطة طريق للمرحلة المقبلة يعني الشروع في الاستعداد لمرحلة مابعد انتهاء العمل بخارطة طريق تونس جنيف، وعودة عقيلة لموقعه كرئيس للبرلمان، وتقاربه المفاجئ باللقاء والمشاورات غير المعلنة مع رئيس المجلس الأعلى للدولة، والإعلان عن إطلاق مباحثات عن مسودة الدستور، وطرحها للاستفتاء بعد إجراء التعديلات اللازمة عليها، كلها مؤشرات لاتنبئ بأي جدية في الحفاظ على زخم الانتخابات، بل تعكس توجها مألوفا من الفئة المسيطرة على مجلس النواب لكسب الوقت، حتى الوصول لموعد نهاية الطريق منتصف يونيو المقبل، وحينها يصبح مجلس النواب، وكذلك المجلس الأعلى للدولة في حل من أي التزامات فرضتها خارطة  طريق تونس جنيف. 

  بالمقابل أعادت المستشارة ستيفاني وليامز في تصريحات لوكالة الأناضول عقب لقاءتها مع مسؤولين أتراك، التأكيد على تنفيذ الانتخابات قبل موعد نهاية خارطة الطريق، فهي ترى أن تنفيذها مايزال ممكنا عبر ثلاث سيناريوهات. تعديل قوانين الانتخابات أو المسار الدستوري أو إجراء الانتخابات البرلمانية أولا.

 مشاورات وليامز مع الأطراف الدولية والاقليمية المنخرطة في الصراع هدفها حشد المزيد من الدعم لانجاح مهمتها كمستشارة بانجاح خارطة الطريق التي سبق وأن أشرفت عليها مع ملتقى الحوار السياسي، بدعوة هذه الاطراف إلى تشجيع حلفائهم في ليبيا على عدم النكوص عن الانتخابات وتأجيلها إلى موعد يتجاوز المدة المحددة لخارطة الطريق.

 حتى هذه اللحظة يبدو أن وليامز تترقب مقترحات لجنة خارطة الطريق التابعة للبرلمان، فإذا لمست الجدية في اتخاذ الخطوات اللازمة المؤدية للانتخابات في يونيو المقبل على أقصى تقدير، فسوف تدعم هذا التوجه مادام يحظى برضا غالبية الأطراف الفاعلة، أما المماطلة التي ستفضي إلى النكوص عن تنفيذ الانتخابات، فالأرجح ستدفعها إلى استعادة المبادرة عن طريق لجنة الحوار السياسي، والدفع نحو الحل الأخير وهو إجراء الانتخابات البرلمانية وتأجيل الرئاسية إلى مابعد تشكيل البرلمان الجديد. 

          (المقالات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل عن رأي كاتبها)