مصائد الموت المائية

مصائد الموت المائية

فبراير 05, 2022 - 10:30
القسم:

صورة من الأرشيف

مع موسم الأمطار تعود المصائد التي وضعها الانسان لفتح فمها لتتلقف وتبتلع كل من يجرؤ على الاقتراب منها إذ تعد المستنقعات والآبار المكشوفة لها مخاطر متعددة على رأسها خطر السقوط المباشر فيها، ومما يزيد من مخاطر هذه المستنقعات أنها قد تحوي مواقع مجروفة سابقًا ذات عمق بعيد أو آبار مهجورة أو آبار صغيرة القطر (ارتوازية) وتكون مغطاة أو مغمورة بمياه داكنة خصوصًا بعد السيول فتكون مصائد بالغة الخطورة عندما يجتازها المارة بل الأسوء من ذلك أنها قد تبتلع من يمر فوقها دون أن يلاحظهم أحد. 

وتكثر مثل هذه الحوادث عادة أثناء موسم الأمطار فمعظم المناطق تغطى بالمياه الداكنة التي لا تسمح لمن يجتازها بملاحظة عمقها أو ما قد تحويه من مصائد أخرى مثل فوهات التصريف أو أغطية الخزانات أو حفر لأغراض المشروعات وخلافها.

هناك نوعان من الآبار الخطرة بالنسبة لحوادث الغرق، آبار ما زال استخدامها ساري المفعول كالزراعية والاستثمارية وآبار السبيل وخلافها والتي تزداد خطورتها مع ازدياد عمقها وبعدها عن المناطق المأهولة وفرق الإنقاذ، وهذه النوعية من الآبار لا بدَّ من رفعها عن مستوى سطح الأرض وتغطيتها كحلّ وقائي نهائي للحماية من السقوط فيها وبخاصة الأطفال الذين لا يعرفون أنها من مكامن الخطر المُتربصة بالبشر. 

وتتمثل النوعية الثانية في الآبار المهجورة التي تمَّ الاستغناء عنها إما لجفافها أو عدم صلاحية مياهها للاستخدام الآدمي وهذه لا بد من ردمها فورًا دون تريث طالما أنها لم تعد مستخدمة

وفيما يخص الحفر العميقة تكونها السيول التي تتسبب في تغيير ملامح سطح الأرض فتعمل على إيجاد حفر عملاقة في بطون الأودية لم تكن معروفة في السابق لأحد مما يجعلها مصيدة حقيقية للأرواح، لذا يجب أن نتنبه لذلك وعدم الخوض في المياه حتى ولو كانت تبدو ضحلة فربما تحوي بداخلها حفرة عميقة، ومن ذلك الحفر العميقة التي تكونها السيول عند انكسار السدود الترابية (العقوم في المزارع) والتي كثيرًا ما تخطف أرواح المزارعين وأبنائهم. 

والخطر لا يقتصر على هذه الحفر والمستنقعات بل هناك الآبار المهجورة والارتوازية و عمليات التخلص من المستنقعات والآبار المكشوفة غير مكلفة ولا تحتاج لجهود جبارة وكوادر فنية مدربة، بل يكفي جرافة بلدوزر لردمها وتسويتها و لا يمكن الاستهانة بها خصوصًا إذا كانت مغطاة أو مملؤة بالمياه لما لها من خطورة مباشرة كمصائد يصعب ملاحظتها او الصعوبة البالغة في عمليات الإنقاذ فيها وذلك لأعماقها المتزايدة وضيق أقطارها مما يقلل فرص النجاة فيها أو اختناق الشخص في وقت وجيز بالإضافة إلى صعوبة التواصل مع من قد يسقط فيه.

وتكثر الآبار المهجورة والارتوازية في الطرق القديمة وبالقرب من التجمعات السكانية وبعضها جاف وآخر به مياه وعدد آخر منها في المزارع المتدهورة؛ نتيجة الجفاف وخطورتها كامنة في تخفيها وأفواهها المفتوحة.

 إذ يوجد عدد كبير من الآبار الارتوازية التجريبية التي يقوم أصحابها بحفرها دون وضع أنابيب بلاستيكية أو حديدية بداخلها لعدم وجود كمية مياه كافية فيغادرها الحفار ويتركها صاحبها دون دفنها أو دفنها بمواد صلبة تصاب بالخلخلة عند تشبع جوف الأرض بالمياه، وبالتالي تبتلع من يمر أعلاها، ويجب ردمها تمامًا بتربة متماسكة وقوية. 

وهناك آخرون يجرون عدة تجارب في المزرعة الواحدة ويهملون ردمها وتغطيتها فتنمو على فوهتها النباتات والشجيرات لتتشبع التربة المردومة بها بالمياه ثم تنهار إلى أسفل تاركة مكانها حفرة عميقة تبتلع من يمر أعلاها ، وهناك آبار ارتوازية تركتها شركات ومؤسسات بعد أن انتهت منها، وآبار حوائطها قريبة من مستوى سطح الأرض تسمح بالسقوط فيها.

كما توجد هناك البحيرات الطبيعية المؤقتة: وهي عبارة عن تجمعات لمياه السيول في مناطق منخفضة عما سواها وتنقسم إلى قسمين: طبيعية وبشرية، فالطبيعية هي التي تتكون نتيجة لنحت السيول ونحرها لبطون الأودية وتركها لمنخفض يمتد طوليًا ويختلف عمقه من مكان إلى آخر ويطلق عليها في العامية اسم “غدير” وهي تشكل خطورة كونها محاطة بطبقة من الطمي الموحلة التي تعمل على سرعة تزلق القدم التي تلامسها كما أن باطنها به رواسب من الطمي تعمل كفخ يقبض على أقدام كل من يسقط فيه، أما النوع الآخر فيمكن تسميته “البحيرات البشرية المؤقتة” وهي تتماثل في شكلها ومضمونها إلا أنها تفوقها في العمق والخطورة ولها جدران شديدة الانحدار وتكونت بعد حفرها بالجرافات ونقل تربتها بالشاحنات وتكثر تلك البحيرات على امتداد الطرق وبالقرب منها.

كما يوجد هناك نوع من المصائد المائية موجود في أعالي الجبال حيث مصب الشلالات والتي تنحت طبقة الصخور رأسيًا، وتحدث فيها هوة عمقها يصل إلى ثلاثة أمتار وتختزن في جوفها الماء لعدة أشهر.

 وهناك نوع يتمثل في التجويفات عند أقدام الجبال ومنعطفات الأودية المتثنية وتتكون نتيجة لقوة نحت الماء في جانب الوادي وترسيبه في الجانب الآخر ويكون أكثر عمقًا مما حوله ويصطاد الأرواح حين يعتقد الخائض فيه أنه متماثل العمق وآخر يتمثل في الحيازات الأرضية المحاطة بسدود ترابية عقوم من أجل حفظ الماء وهذه يصل عمق مائها إلى أكثر من مترين أحياناً وهي بحيرات مؤقتة لها خطورتها.