العودة لحالة الانقسام

العودة لحالة الانقسام

فبراير 09, 2022 - 10:03

بقلم الكاتب| عبدالله الكبير

عبدالله الكبير

 يواصل برلمان طبرق نهج المراوغة ومخادعة الناس، بالإعلان عن التوجه نحو وضع الأسس المتينة لحل السياسي، وذلك بالاتفاق مع مجلس الدولة، عبر مشروع قرار لجنة خارطة الطريق التي نصت على استمرارالبرلمان في موقعه لمدة لا تقل عن 14 شهرا، وقد تستمر حتى رحيل آخر برلماني إلى مثواه الأخير. إذ ينص القرار الذي وافق عليه أعضاء مجلس نواب طبرق، على التوافق مع مجلس الدولة حول التعديل المطلوب للإعلان الدستوري، ثم تجرى الانتخابات خلال أربعة عشر شهرا من تاريخ التعديل، بشرط أن تزول القوة القاهرة التي عرقلت إجراء الانتخابات. 

 مرات عديدة تقابلت فيها لجان مشتركة من مجلس النواب ومجلس الدولة، واستضافت المغرب عدة اجتماعات مباشرة وغير مباشرة بين رئيسي المجلسين، وأعلن عقب هذه المقابلات والاجتماعات عن التوصل لتوافقات حول مجمل القضايا الخلافية، غير أن النتيجة الواضحة عقب كل هذه الاجتماعات، التي تنقلت بين تونس ومصر والمغرب هو الفشل الذريع، والتنصل من كل ما تم الإعلان عن التوصل لتوافق بشأنه. 

 لا أحد لم يدرك أن رئيس مجلس النواب عقيلة صالح لايريد أي انتخابات سوف تطيح به من موقعه، وهذه الحقيقة تنطبق على كل الطبقة السياسية في مجلسي النواب والدولة، وأن كل المناورات التي يجريها الآن لا هدف لها سوى صب المزيد من زيت التأزيم علي المشهد المتأزم، إبعادا لغول الانتخابات، وكسب الوقت حتى يحين الأجل المحتوم لخارطة طريق تونس جنيف في يونيو المقبل، ويكون هو ومجلسه في حل من أي اتفاق جلب سلطة ألحقت الهزيمة بقائمته في انتخابات جنيف، ولم يشكلها علي هواه حتى يهيمن عليها، وتأتمر بأمره، وتمكنه مع ظهيره العسكري خليفة حفتر من السيطرة على القرار السياسي والعسكري والمالي للبلاد. 

 ولأن تكريس حالة عدم اليقين، وفتح المسارات الجديدة بغية تطويل الطريق إلى الانتخابات أملا في اجهاضها نهائيا سيمنح مجلس الدولة عمرا جديدا، يتماهي المجلس ورئيسه مع ألاعيب مجلس النواب ورئيسه، فكلاهما مرتبط عضويا بالآخر، ونهاية مجلس النواب تعني بالضرورة نهاية مجلس الدولة، وهو ما أضحى هدفا أساسيا لدى غالبية الشعب، الذي لم يعد يثق في أي مبادرة يمكن أن تخرج البلاد من حالة الانسداد السياسي، مادامت صادرة عن مجلسين لا نية أو إرادة لهما في مغادرة السلطة. 

 الخطوة الوحيدة في خارطة الطريق التي يحتمل أن ينفذها عقيلة وبرلمانه، هو تكليف فتحي باشاغا شريكه في القائمة التي خسرت انتخابات جنيف بتشكيل حكومة جديدة، أما خطوة تعديل الإعلان الدستوري، عبر مقترح تعده لجنة مشتركة من مجلسي النواب والدولة، فلن تتم لأن الحصول على النصاب في مجلس النواب متعذر، نظرا لحالة الانقسام السائدة، وكذلك فإن هذه الخطوة سوف تكرس مجلس الدولة شريكا لمجلس عقيلة في صياغة التشريعات وتشكيل الحكومة، وهذا ما لايريده عقيلة بعد اقصائه لمجلس الدولة من كل بنود التوافق الملزمة، حسب اتفاق الصخيرات، ويتماهي مجلس الدولة مع هذه السياسات الاقصائية، رغم كل البيانات التي يعبر فيها عن رفضه قرارات عقيلة الأحادية.

 التطورات الاخيرة في مسار تشكيل حكومة جديدة، تعني العودة لحالة الانقسام كالتي شهدتها البلاد زمن حكومة السراج المعترف بها دوليا، وحكومة الثني الموازية، إذا أصر عقيلة على نسف كل ماتحقق من تقدم في العملية السياسية، والعودة إلى المربع الأول، ولا أرجح تطور حالة الصراع إلى حد الصدام المسلح، بالنظر إلى استمرار حالة التوازن في القوة، وعدم رغبة الكثير من التشكيلات المسلحة في خوض حرب ليس لها أي مبرر أو مشروعية أخلاقية، فضلا عن تأييد عدد منها للانتخابات، وسواء اندلعت حرب أم استمر الصراع بأدوات السياسة والإعلام، فإن هدف تأجيل الانتخابات إلى أجل غير معلوم، والاستمرار في السلطة متحقق بالنسبة لعقيلة والمشري، وبقية الكيانات والشخصيات المهيمنة علي المشهد السياسي والعسكري

 

(المقالات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل عن رأي كاتبها)