لجنة أخرى وحوار جديد

لجنة أخرى وحوار جديد

مارس 07, 2022 - 13:08

بقلم الكاتب| عبدالله الكبير

عبدالله الكبير

إزاء عودة شبح الانقسام بعد تشكيل البرلمان لحكومة جديدة، وتفاديا للتداعيات الخطيرة لهذه الخطوة، أطلقت المستشارة الأممية ستيفاني وليامز مبادرة جديدة لإعداد قاعدة دستورية للانتخابات، عبر لجنة مشكلة من مجلسي النواب والدولة، بواقع ستةأعضاء من كل مجلس. داعية في الوقت نفسه إلى الإلتزام بالهدوء وعدم زعزعة الاستقرار، من دون مصادمة مباشرة بالرفض، بل بتصريحات ناعمة عن أهمية تجديد الشرعية وإنهاء المراحل الانتقالية. وفور إطلاق المبادرة أعلنت الدول الخمس الغربية الكبرى تأييدها لها، وحث كافة الأطراف على المحافظة على الاستقرار وعدم اللجوء للعنف، والتعاطي بإيجابية مع المبادرة، مع التلويح بالعقوبات لمن يعرقل أو يقوض عملية الانتقال السياسي.

 كان لافتا في كل البيانات والتصريحات الصادرة عن الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ومستشارته في ليبيا، وبيان الدول الغربية الكبرى، والإتحاد الأوروبي، هو التحفظ وعدم الترحيب بتشكيل حكومة جديدة، فيما تبرز من وراء السطور رغبة في استغلال أزمة الشرعية بين حكومتين في الضغط مجددا من أجل تنفيذ الانتخابات. 

 وبينما رحب المجلس الرئاسي والحكومة بمبادرة وليامز، رحب كذلك رئيس المجلس الأعلى للدولة، قبل أن يعلن عن موافقته عقب جلسة رسمية، فيما لم يعلن مجلس النواب عن موقفه، ورغم تصريحات بعض الأعضاء بعدم قبولهم وتمسكهم بالخطوات التي اتخذها البرلمان، الا أن رضوخه للمبادرة ومشاركته فيها بستة أعضاء هو المتوقع لئلا يتم تجاوزه، خاصة وأن كافة الدول المنخرطة في الصراع تدرك ضعفه، مع تصاعد الرغبة الشعبية في اسقاطه صحبة مجلس الدولة، وتوحيد السلطة التشريعية في برلمان جديد منتخب، ويحتمل أن هذه اللجنة الجديدة لن تقتصر على أعضاء المجلسين، وستقوم البعثة الأممية بتوسيع المشاركة فيها لتشمل خبراء من اللجنة العليا لإعداد الدستور وربما بعض الأطراف السياسية من المجلس الرئاسي والحكومة والأحزاب السياسية، فالتجارب السابقة كشفت عن عدم توفر الارادة للمجلسين لاتخاذ قرارات خالية من مصالحهما الضيقة. 

 توالي الأزمات، وعودة البلاد إلى حالة الانقسام، مع احتمال تجدد الصراع المسلح، يضع علامة استفهام كبيرة في جدية النخب السياسية في التخلي طوعا وسلما عن السلطة، والتوقف عن تمديد المراحل الانتقالية بإنجاز الانتخابات، كما أن المواقف المتأرجحة من القوى الدولية المؤثرة تذهب إلى تجميد الوضع الحالي، مع الحيلولة دون تطوره إلى نزاع مسلح، وتهديد ماتحقق من تقدم بسيط على جهة توحيد بعض المؤسسات، والدفع نحو مقاربة تعجل بالانتخابات كسبيل وحيد للفصل في النزاع حول الشرعية. 

 لدى العالم في هذه الأسابيع ماهو أهم بكثير من الصراع الليبي. ثمة عالم جديد يتشكل وسيكون مختلفا عن عالم مابعد الحرب العالمية الثانية، ولكن مدى التحول وحدوده سيتحدد عقب الحرب الروسية الغربية في أوكرانيا وتداعياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولأن ليبيا إحدى أوراق الصراع بين القطبين فسوف تأخذ نصيبها من هذا الصراع عبر الوكلاء المحليين، ولعل الاضطرابات الأخيرة في قطاع النفط هي جزء من أصداء هذا الصراع، ولاريب أن الترحيب الروسي السريع بحكومة باشاغا دفع المستشارة وليامز، ومن ورائها الدول الغربية، إلى سرعة التحرك بالإعداد لحوار جديد، وإعادة البلاد إلى مسار الانتخابات، فمواجهة الغربيين لروسيا لن تقتصر على الساحة الأوكرانية، بل ستتعداها إلى كل مناطق النفوذ الروسي في العالم، ومن بينها ليبيا بالطبع.

 

(المقالات المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل عن رأي كاتبها)