وليامز حين تبحث في خطط بديلة

وليامز حين تبحث في خطط بديلة

أبريل 30, 2022 - 12:37

بقلم الكاتب| عبدالله الكبير

ما إن تسرب خبر تحرك المستشارة الأممية نحو استصدار قاعدة دستورية للانتخابات عبر مراسيم رئاسية، أو التحضير لملتقى سياسي جديد على غرار ملتقى جنيف، ينهض بهذه المهمة، وعدم انتظار حل لن يأتي عبر مجلسي النواب والدولة، حتى بدأت الحملات المشككة في سلامة ودستورية هذا التوجه، كتمهيد لرفض وعرقلة أي جهد يمكن أن يحل الانسداد السياسي، وتحولت المستشارة إلى متطفلة على سيادة القرار الوطني، وهي التي طالما حظيت بالمدح والثناء، على جهودها في تيسير سبل التوافق بين الأطراف السياسية والعسكرية الليبية.

 يقود حملة تقويض هذه الجهود نفس الأطراف التي مافترت عن وأد أي محاولة للتغيير. نفس الحلقة الواسعة حول رئاستي البرلمان ومجلس الدولة، لكي لا يطاح بهم من مواقعهم، ولا تنقطع مرتباتهم، وباقي الامتيازات التي يتمتعون بها بشغلهم عضوية البرلمان أو مجلس الدولة. مسنودين بأطراف من خارج المجلسين، هم أيضا معرقلون لأي تغيير بحكم استفادتهم من هذا الواقع المأزوم، أو مغيبون لايدركون حقائق هذا التحرك المضاد في هذا التوقيت. 

 زيارة وليامز الأخيرة لألمانيا ولقائها مسؤولين كبار في وزارة الخارجية الألمانية، كانت لغرض التشاور حول خطتها الجديدة تحت عنوان إعادة ليبيا إلى مسار الانتخابات، فالفشل المتواصل والمتعمد غالبا، من المؤسسة التشريعية في التوافق حول قاعدة دستورية مقبولة، وقانون انتخابات قابل للتنفيذ، يستدعي البحث عن سبيل آخر، وحشد الدعم الدولي له. ثمة أكثر من سبب جعل ألمانيا محطة أولى لوليامز، فالمسارات السياسية والعسكرية والاقتصادية التي عملت عليها وليامز المرحلة الماضية كانت نتاج مؤتمر برلين، وألمانيا أكثر حيادا في الأزمة الليبية من دول أوروبا الأخرى، وبالتالي ستكون وسيطا مقبولا لقيادة أي جهود تؤدي لتوافق حول قاعدة دستورية للانتخابات.

 لم تشعر الأطراف المعرقلة في مجلسي النواب والدولة بالخطر من مظاهرات الشارع، ولا من البيانات العديدة المعبرة عن رفضها لاستمرارهم، منادية بضرورة التغيير عبر الانتخابات، ومنح شرعية جديدة لمجلس نواب جديد فاعل وغير منقسم، رغم أنها إرهاصات غضب عارم، سوف يتصاعد خلال الأسابيع والشهور المقبلة، لأن الحراك مايزال في بدايته، ولابد له من الفعل المادي الملموس لحمل هذه الأطراف على المغادرة، والمقصود من الفعل المادي هنا منع المجلسين من مواصلة الاجتماعات العقيمة، ومطالبة المجلس الرئاسي بتجميد أعمالهما، وقطع مرتباتهم إن أمكن، ومواجهتهم بما ينبغي أن يواجه به أي معرقل مستعد لاحباط أي جهود تنقذ البلاد من هذا التمزق. 

 ليس لوليامز أي سند غير دعم السفير الأمريكي والدول الأوربية، ومكانتها القانونية كمستشارة أقل مما كانت عليه بصفة المبعوث الخاص، ومن ثم فهي بحاجة إلى مساندة شعبية، طالما تمسكت بالهدف الذي تسعى وراءه هو انجاز الانتخابات، ولم تتراجع عن مواقفها السابقة من الديناصورات السياسية، التي أدمنت لعبة الكراسي الموسيقية لتبقى في مواقعها. 

 تنفيذ أجندة أمريكية تخدم استراتيجيات أمريكا واستمرار هيمنتها في المنطقة، رغم انسحابها التديجي، هو الحجة التي ستدفع بها أطراف السلطة لمواجهة خطط وليامز، وهي كلمة حق لا يراد بها استعادة السيادة وامتلاك القرار الوطني، وإنما قطع كل الطرق المؤدية للتغيير، فالسيادة انتهكت أصلا بسبب تمسكهم بالسلطة، واستغراقهم في صراعاتهم حولها، مادفع أغلبهم إلى الاستعانة بقوى خارجية للاستقواء على خصومهم، وإذا كانت الانتخابات الليبية تخدم الأجندة الأمريكية، فهي كذلك تخدم الأهداف الوطنية للتغيير، لوضع حد لحالة الصراع المنفلت من كل القواعد، وفي نهاية المطاف لا تعنينا أجندة القوى الخارجية، إلا بقدر تطابقها مع أهدافنا الوطنية، ومن يساند الأطراف المهيمنة علي المشهد لأنها تخدم مصالحه، ويعمل علي تقويض التغيير، هو من ينبغي التصدي له ومواجهته ورفض أجندته. 

 

(المقالات المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل عن رأي كاتبها)