الأسئلة البسيطة التي لا تجيب عليها الحكومة الموازية وأنصارها

الأسئلة البسيطة التي لا تجيب عليها الحكومة الموازية وأنصارها

أبريل 30, 2022 - 22:18

بقلم الكاتب والمدون خليفة البشباش

مر أكثر من شهرين منذ أن أدى وزراء الحكومة الموازية برئاسة السيد فتحي باشاغا اليمين في "مربوعة" عقيلة، حيث وعد رئيس الحكومة بمباشرة أعماله من طرابلس خلال أيام قليلة، هذه الأيام لم تنته بعد كما يبدو وتلاشى تقريباً حلم الدخول للعاصمة، منذ ذلك الحين دارت عشرات الحوارات في مختلف المنصات بين معارضي هذه الحكومة وأنصارها الذين دائماً ما يحولون النقاش إلى نقاط جانبية بعيدة، متهربين من المشاكل البنيوية الرئيسية في فكرة هذه الحكومة من الأصل وطريقة تشكيلها، متهمين مخالفيهم بتهم تبدأ من دعم الفساد وتنتهي بدعم الإرهاب وهي التهمة التي تعلموها بفضل التوأمة الأخيرة مع نشطاء حفتر، ولعلنا نختصر المقال هنا ونطلب من هؤلاء الإجابة على هذه الأسئلة البسيطة:

لقد شارك حفتر في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية "حكومة الدبيبة" وكان له نصف أعضاء لجنة الحوار المشكلة من الأمم المتحدة، كما قام بتسمية نائب الرئيس وعدد من الوزراء، إضافة إلى أن الدبيبة والمنفي صمتا تماماً عن تحركات حفتر في الجنوب وتحشيداته المختلفة وتصريحاته المستفزة، بينما قاما بإلزام قنونو والجويلي وغيرهم بالصمت حيال القضايا المختلفة! إضافة إلى قيام الدبيبة ووزير ماليته بشكل غير قانوني بدفع ما ادعى حفتر أنها مرتبات دون تزويد المالية بأي بيانات تثبت ذلك، وإصراره على الحصول على الأموال بدون المرور بأي إجراء قانوني وهو ما قبل به الدبيبة وحكومته بالمخالفة للقانون! بالرغم من كل هذه التنازلات لم يسمح حفتر للدبيبة حتى بالنزول في مطارات سبها وبنغازي وقام بعرقلته بكل ما يملكه... والسؤال هنا، ما هو الشيء الإضافي الذي يقدمه باشاغا لحفتر حتى يسخر الأخير كل أدواته العسكرية والإعلامية والسياسية لدعمه؟

ثم إذا كانت مشكلة الدبيبة هي عدم قدرته على السيطرة والعمل في المناطق التي يسيطر عليها حفتر كما يقول أنصار الحكومة الموازية، فهذا الكلام يقتضي ضمناً الادعاء بأن باشاغا يملك القدرة على السيطرة والعمل هناك، والسؤال هو لماذا لا يعمل إذاً؟ ولماذا لم يبدأ بتطبيق خطط حكومته الأمنية التي وعد بها وليبدأ من الجفرة مثلاً؟ هل يستطيع باشاغا ووزير داخليته تغيير مدير أصغر مديريات الأمن في المناطق التي يسيطر عليها حفتر ومليشياته؟ ولا نريد طرح الأسئلة التعجيزية مثل: هل يستطيع باشاغا تغيير حتى غفير أو طباخ في المعسكرات والمرافق العسكرية التي يديرها حفتر وأطفاله؟ لأن هذا –والعياذ بالله- إجراء لا يمكنهم حتى أن يفكروا في طرحه.

المسوغ الآخر الذي ساقه باشاغا في خطاباته الفيسبوكية لتبرير وجود حكومته هو فساد حكومة الدبيبة، وهذا الفساد بلا شك حقيقة، لكن باشاغا لم يتحدث أبداً عن فساد حليفه الذي راكم ديون المصارف الليبية لأكثر من 40 ملياراً أخذها بالقوة "هذا لا يشمل ديون حكومة الثني"، إضافة لإنشاء كيان استثماري غير قانوني يعتمد على القوة في سرقة الموارد والاستحواذ على الأصول المملوكة للدولة وبيعها دون المرور حتى بأي إجراء قانوني شكلي، علماً بأن أبناء حفتر بلسان باشاغا يذهبون إلى الدول كمبعوثين لشرح وجهة نظر حكومته، بطائرات خاصة، وأصول بنكية بالمليارات، لا يسأل باشاغا ولا يملك القدرة حتى على الهمس بمصدر هذه الأموال! وكيف كون أطفال حفتر كل هذه الثروة؟

إن المشكلة مع الحكومة الموازية ليست في شخص باشاغا ولا في تأييد أو معارضة الدبيبة أو غيرهما، مشكلة الحكومة الموازية ببساطة أنها حكومة حفتر قام هو بإيجادها وتشكيلها ودعمها، ويحكمها عملياً هو وأبناؤه، إن القبول بفكرة أن حفتر هو "صانع الحكومات" وهو من "يحط" هذا رئيساً مكان هذا هو ما لا يمكن قبوله، لم تخضع حكومة باشاغا حتى لمنطق الحوارات السابقة -الأعوج أصلاً- والذي يراعي الحد الأدنى من التوازنات في مسألة تشكيل الحكومة، المنطق الذي أنتج حكومات ضعيفة وفاسدة ورغم أن نصف وزرائها من تعيين حفتر إلا أنه لم يقبل بها مشاركا في مناطق سيطرته أبداً، ليخرج هذه المرة بكل صفاقة بإنتاج حكومة بنفسه واعتمادها في مربوعة عقيلة فقط دون مشاركة سواهما في أمرها، ليتوارى عن الأنظار بعدها تاركاً باشاغا وأنصاره متحدثين باسمه ومدافعين عنه، إن الاعتراض على الحكومة الموازية ليس دعماً للدبيبة ولا قبولاً بالفساد الذي يعد حليف باشاغا أحد أركانه، إنه ببساطة اعتراض على الصفاقة و"صحة الوجه" في محاولة وقحة لتنصيب مجرم الحرب حفتر ملكاً فوق الجميع.. مسؤولاً وحيداً عن تعيين الحكومات وإقالتها... هذه مهزلة لا يمكن حتى نقاشها!

 

(المقالات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل عن رأي كاتبها)