المجلس الرئاسي وفرصة تصحيح المسار

المجلس الرئاسي وفرصة تصحيح المسار

مايو 09, 2022 - 13:59

مقال رأي للكاتب الصحفي #عبدالله_الكبير

لم يكن "حياد" المجلس الرئاسي، وعدم تدخله في فصول الصراع السياسي، محل قبول من طيف واسع يرى أن نأي المجلس الرئاسي بنفسه عن الانخراط في الأزمة، وإعلان موقفه من التطورات ليس بالقرار الحصيف، وأن تماسكه وانسجام أعضاؤه، يؤهله للعب دور أكثر إيجابية من الصمت والحياد.

 ولكن هذا الابتعاد من المجلس الرئاسي، عن التصريحات المؤيدة أو الرافضة لأي من المواقف المختلفة لأطراف الصراع، جعله بعيدا عن دائرة النقد أو الهجوم الإعلامي، أو الاتهام بالولاء أو العداء لأي من الأطراف، ومع الزمن راكم المجلس رصيدا من الاحترام والثقة لدى قطاعات واسعة من الشعب، ما دعا الكثير من النخب السياسية، ومنظمات المجتمع المدني، إلى مطالبته بالأخذ بزمام المبادرة، والنهوض بالمهمة التي فشل فيها مجلسا النواب والدولة، وتفعيل صلاحياته، بتشكيل لجنة قانونية تتولى إعداد القاعدة الدستورية للانتخابات.

 تبدو اللحظة مواتية للمجلس الرئاسي لكي يستغل هذا الرصيد، إذا ما أخفق الحوار الحالي الجاري في مصر بين وفدي النواب والدولة، وهو المتوقع قياسا على حواراتهم السابقة. فهذه اللحظة مناسبة للمجلس الرئاسي لكي يبرز في المشهد، بقرار تاريخي يصحح المسار، إذا لم يتوافق المجلسان علي قاعدة دستورية مقبولة، وقوانين انتخابات قابلة للتطبيق، وواصلا لعبتهما السمجة في تضييع الوقت، بدون أي نتيجة تمكن الشعب من ولوج طريق التغيير السلمي، تداركا لقرب نهاية المدة المحددة لاتفاق جنيف، وقبل أن تصعد حالة الصراع إلى ذروة التأزم، وتتأهب المدافع للدوران من جديد، وهو ما تنتظره بعض الأطراف المتربصة، لكي تتحرر من الإلتزام بالاتفاق، وتواصل محاولاتها فرض هيمنتها علي السلطة.

 ومع عودة لجنة الحوار الدستوري لمواصلة اجتماعاتها، تتواتر الأنباء عن استعداد رئيس المجلس الرئاسي لتشكيل حكومة مصغرة، يتولى رئاستها لتنفيذ الانتخابات، بعيدا عن حكومتي الدبيبة وباشاغا، ولكي يكتب النجاح لهذه الخطوة، لابد من إجراء مشاورات واسعة، لكي تنال هذه الحكومة الاعتراف والقبول اقليميا ودوليا، مع الأخذ بعين الاعتبار الرفض الحتمي من مجلس النواب ورئيسه وكذلك مجلس الدولة لأي خطوة تنزع سلطاتهما وتقصيهم من المشهد، وسيعملان على عرقلتها، ولكن موقفهما الضعيف بسبب الرفض الشعبي الواسع لاستمرارهما، وكذلك رغبة أطراف دولية مؤثرة كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، في إعادة البلاد إلى مسار الانتخابات، سيحد من قدرتهما على العرقلة أو المناورة.

 اجتماعات القاهرة ربما تكون الفرصة الأخيرة لمجلسي النواب والدولة، للتوافق والخروج بقرارات ومواعيد مرضية بشأن الانتخابات، وقوانينها وقاعدتها الدستورية، إذا توفرت الإرادة للاستجابة لتحدي استلام المجلس الرئاسي زمام المبادرة،  فالمجلس الرئاسي سينتظر بالتأكيد نتائج اجتماعات اللجنة الدستورية بالقاهرة، قبل الاقدام على هذه الخطوة، وسيكون بحاجة إلى دعم دولي سريع، واعتراف من الأمم المتحدة بالحكومة الجديدة.

بالتوازي مع هذه التطورات المتوقعة، تستعد مكونات سياسية واجتماعية لمواصلة الحراك المدني للضغط من أجل إجراء الانتخابات، وفي موقف يعكس بداية تحلل البرلمان، صرح أحد النواب عن تدارس مجموعة من النواب تقديم استقالة جماعية، ليصبح الوصول للنصاب متعذرا، ويفقد بالتالي أي شرعية قانونية للاستمرار.

        (المقالات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل عن رأي كاتبها)