تجميد الأوضاع الراهنة

تجميد الأوضاع الراهنة

مايو 31, 2022 - 13:22

بقلم الكاتب/ عبدالله الكبير

تراجع الاهتمام الدولي بالانتخابات الليبية، وبات جل الاهتمام هو تثبيت الأوضاع الأمنية الهشة، والحيلولة دون تفجرها وإبقاء النزاع في المستوى السياسي، واحتواء الصراع التنافس بين الحكومتين، هو ما يشغل القوى الدولية المعنية بالأزمة، تجلى ذلك في إحاطة السيدة روزماري دي كارلو وكيل الأمين العام للأمم المتحدة الأسبوع الماضي، حيث سردت آخر التطورات العسكرية، وحالة الاستنفار والتوتر في طرابلس بسبب دخول باشاغا، وعودة اللجنة العسكرية للاجتماع في اسبانيا، لبحث تفكيك وإعادة دمج المليشيات، ونزع اسلحتها. وفي الشان السياسي أشادت بما تحقق من تقدم في حوار المسار الدستوري الجاري بالقاهرة، رغم أن هذا التقدم محدود جدا، ولا يشكل شئ في حزمة الخلافات المستعصية. 

 مداخلات الأعضاء لم تبتعد كثيرا عما جاء في الإحاطة الرسمية، فيما استمر الخلاف حول تكليف مبعوث جديد للأمين العام للأمم المتحدة خلفا للمبعوث السابق كوبيش، بسبب الخلاف بين روسيا من جانب، وأمريكا وبريطانيا من جانب آخر، فبينما ترغب أمريكا في بقاء المنصب شاغرا واستمرار وليامز، ترفض روسيا استمرار وليامز مطالبة بتكليف مبعوث جديد.

 لاشك أن استمرار تباين الرؤى والمواقف الدولية ينعكس سلبا على مسار التسوية السياسية، ويجمد الوضع الراهن حتى ينجلي غبار المعارك في أوكرانيا. فهي الأزمة الرئيسية التي تشغل الدول الكبرى حاليا، وتضعهم وجها لوجه في مواجهة مفتوحة.

 حالة الارتباك الدولي تتجلى أيضا في تعدد المسارات، فإلى جانب الحوار الجاري في مصر، بين وفدي مجلسي النواب والدولة بإشراف المستشارة وليامز، والذي ينتظر استئنافه في الاسبوع الثاني من يونيو المقبل، عقد بالمغرب اجتماع ضم شخصيات سياسية وأمنية من الشرق والغرب، لبحث جهود التهدئة وعدم التصعيد في العاصمة، وطرح مشروع تشكيل  حكومة ثالثة تجمع الأطراف الفاعلة. ولا يتوقع أن يسفر هذا الاجتماع عن حلول يمكن أن تقبل بها الأطراف الأخرى، التي لم توجه لها الدعوة لحضور الاجتماع. شأنه شأن اجتماع سابق مشابه، عقد بسويسرا بإدارة منظمة الحوار الإنساني، وإشراف البعثة الأممية.

 تعدد الاجتماعات لا يعكس فقط حالة التخبط في مقاربة الأزمة المعقدة ومحاولة تفكيكها، وإنما يعني أيضا عدم وجود خطط بديلة لدى الأمم المتحدة، يمكن أن تلزم كل الأطراف بدعم مسار الانتخابات، والتوقف عن المماطلة والتأجيل.

لا يبدو أن ثمة توجه دولي من القوى الكبرى لوضع الأزمة الليبية على طريق تسوية سياسية تقبل بها كل الأطراف، تحدد خلالها مواعيد نهائية للانتخابات مع الالتزام بقبول نتائجها، بانتظار ما ستنتهي إليه جلسة حوار البرلمان والدولة المقبلة، من دون آمال كبيرة في التوافق حول القضايا الخلافية، فضلا عن موقف ثابت للهيأة التأسيسية لإعداد الدستور،  يرفض فتح مسودة الدستور وإجراء أي تغييرات عليها، وهو موقف مسنود من أطراف سياسية ومنظمات مجتمع مدني وقطاعات واسعة من الشعب.

 كل التطورات لا تبشر بأي تقدم يمكن أن يطرأ على طريق التغيير، مع تراجع الرهان على حراك شعبي واسع يحتل الميادين، يطالب بإجراء الانتخابات، مع الاستعداد لخوض غمار مواجهة لا مناص منها مع الطبقة السياسية، و الأطراف العسكرية المرتبطة بها، والتي تواصل هيمنتها على السلطة، وتحبط كل جهود التغيير. 

 

(المقالات المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل عن رأي كاتبها)