متى ينهض مارد الناس؟

متى ينهض مارد الناس؟

أغسطس 06, 2022 - 11:14

بقلم الكاتب| عبدالله الكبير

عبدالله الكبير

إذا كانت النوايا بالفعل هي إزالة كافة العقبات من طريق الانتخابات، والتوجه نحو تنفيذها، استجابة لمطلب شعبي لم يتوقف المتظاهرون عن المجاهرة به، عبر كل الوسائل السلمية المتاحة، ثم تصاعد الغضب نحو ذروته، بإضرام النيران في مقر مجلس النواب بطبرق، في رسالة تؤكد أن التصعيد وارد إذا استمرت كيانات الأمر الواقع في تجاهلها لمطالب الشعب. فإذا كانت المزاعم والتصريحات والبيانات الرسمية، تؤكد على الرغبة في إحداث هذه النقلة السياسية، فليس ثمة ضرورة لتوجه قادة البلاد إلى تركيا، ولكن النية الحقيقية المبيتة، هي مواصلة البحث عن صفقات جديدة، تعيد تدوير النفايات التي يطالب الشعب بالتخلص منها، أو كما قالت المستشارة الأممية السابقة. استمرار الأقلية المتسلطة في ممارسة لعبة الكراسي الموسيقية.

 ومن هذه النية المضمرة ذهب رئيس البرلمان عقيلة صالح إلى تركيا، في زيارة تأجلت طويلا بسبب تردد عقيلة في الانفتاح على تركيا، لأن الظروف لم تكن مواتية، إذ لم تطبع العلاقات بعد بين تركيا من جهة والإمارات والسعودية من جهة ثانية، وحين عادت العلاقات بينهم إلى طبيعتها، كان عقيلة في أضعف حالاته بعد فشل تمكينه للحكومة الجديدة، وتنامي الغضب الشعبي ضد مجلس النواب في مناطق نفوذه الاجتماعي، إلى حد اقتحامه واضرام النيران فيه، لذلك ليس في حوزة عقيلة صالح سوى ورقة واحدة يساوم بها أنقرة، وهي مصادقة مجلس النواب على مذكرتي التفاهم المبرمة بين تركيا والمجلس الرئاسي السابق، مقابل مساعدة تركيا بنفوذها في الغرب الليبي على مساعدته في تمكين حكومة باشاغا. 

التحق نائب رئيس المجلس الرئاسي عبدالله اللافي، ثم رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري بعقيلة، وتواردت الأنباء عن مشاورات ترعاها السلطات التركية لتشكيل حكومة ثالثة، تنهي النزاع بين حكومتي الدبيبة وباشاغا. 

تمديد عقيلة صالح أيام زيارته تشي بفشله في اقناع السلطات التركية بقبول حكومة باشاغا، والشروع في مفاوضات الحكومة الثالثة، أو لعله ينتظر الموقف الرسمي في طرابلس الذي سيعود به المشري، ولكن تركيا تعرف حجم الاعتراض الشعبي على أي محاولة للتمديد لمجلسي النواب والدولة، فضلا عن الموقف الدولي الداعم لإجراء الانتخابات، والمطالبات الدوليةبالكف عن المماطلة، بتمديد المراحل الانتقالية عبر تشكيل الحكومات المتعاقبة.

  التعتيم غير العادي حول المفاوضات بين الأطراف الليبية، خلف الأبواب المغلقة في أروقة القصر الرئاسي والمقرات الحكومية في أنقرة، يؤكد أن الأمر يتعلق بحكومة جديدة مع التمديد لكل الأجسام الحالية، فالكل يدرك أن رد فعل الرأي العام سيكون عنيفا، وتوارد الأنباء المؤكدة عن توجه الأطراف الليبية نحو تشكيل حكومة جديدة، سيكون بمثابة صب المزيد من الزيت على نار الرفض الشعبي للتمديد، وسوف تنفخ في رماد المظاهرات لتلتهب الشوارع والميادين من جديد. وهذا الموقف ليس بالضرورة تمسكا بحكومة الوحدة، وإنما الرفض الصارم للتمديد، لذلك تطوق المفاوضات بأسوار عالية من السرية، حتى تجهز الطبخة ويتم الإعداد لحملة تسويقية لها، كما أن عقيلة صالح يخشى بشكل خاص غضب ماتبقى من أنصار، بحت حناجرهم خلال المرحلة الماضية صراخا ضد ما وصفوه بالمستعمر التركي، وإني لأشعر بالشفقة والأسى على المغفلين الذين ملئوا برقة ضجيجا، تنديدا ورفضا لاستعانة حكومة الوفاق السابقة بتركيا، وأقاموا المهرجانات للإعلان عن رفض دفع الميري، وحرق أعلام الجمهورية التركية، وهاهم اليوم يكتشفون أنهم كانوا مجرد لعبة يلهو بها الحذاق. 

 لايدرك الناس وهم في قمقم الغيبوبة أو اليأس حجم قوتهم إذا انتفضوا واجتاحوا الميادين؟ ليصبحوا ماردا لاقبل لأحد بمواجهته، وحجم الرعب الذي سيقذفونه في قلوب لصوص الوطن؟ وكيف يحطمون كل المؤامرات والصفقات؟ مجبرين الجميع على الرضوخ صاغرين استجابة لكل مطالبهم. 

 

(المقالات المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل عن رأي كاتبها)