زيف الأمن والأمان في مقابل هدم الدِّين وثوابته!

زيف الأمن والأمان في مقابل هدم الدِّين وثوابته!

أغسطس 18, 2022 - 11:35

بقلم الكاتب| أسامة المبروك صالح

(الأمن والأمان) الذي طالما يردده بعض مشايخ السلطان كلمةُ حقٍّ أريد بها باطل!

إذ أنهم دائما ما يستعملون هذه المعاني ((المطلوبة شرعاً في غير هذا السياق)) في مقابل إنكارهم على المصلحين القيام بالوقوف ضد دعوات تغريب الدين، وتحريف وطمس الشريعة الإسلامية، وإجرام القتل وتغييب المصلحين والأبرياء في السجون، والعمالة الكاملة لصالح الغرب وإملاءاتهم... إلخ من المخالفات التي تهدم الشريعة ومقاصدها وتضرب العقيدة في مقتل!

بل ويصوِّرون للناس أنَّ الأمن والأمان هو المطلب الشرعي الأول للأمة! ولو ترتب عليه بعد ذلك السكوت عن كل باطل! بل وتسويغ المنكرات والبوائق!

وعرض هذه المسائل بهذه الصورة لا يخلو من تخذيل عن نصرة الحقِّ وأهلِهِ! وركون إلى الظلمة ودنياهم.

وأصحاب هذه الدعوات أصنافٌ:

منهم: المجتهد، ولكنه مغفل وغافل عن الواقع وما يحيكه ويُسطِّرهُ أعداءُ الإسلام في مراكز البحث والتفكير عن سبل محاربة الإسلام من خلال تخذيل أهله عن نصرته.

ومنهم: المائلُ إلى الدينا ومتاعها الزائل، منغمسٌ في حياة الترف باسم الدين! وإن ظهر بصوت الناصحين المشفقين!

ومنهم: المنافق العميل المندس باسم الدين يحاولُ عبثاً تخذيل وتثبيط المسلمين، وفي نحوهم يقول الله تعالى: (وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا).

ومنهم: أفيخاي أذرعي!! المنظر باسم الدين الإسلامي! لهدمه! ولعل هذا هو مصدر تسويق هذه معاني التَّخذيل والانبطاح تحت مُسمَّى "الأمن والأمان".

فعرضُ قضيةِ الأمن والأمان! في مقابل ترك الصدع بالحق ونصرته، وتفسيره (من خلال كلامهم) أنك لو تعرَّض أمنُك! أو قلَّ طعامُك، أو قلّتْ سفرياتك! أو احتجز على تجارتك! فلا تخوض في الأمر بالمعروف ولا النهي عن المنكر! وإن كان فلا بدَّ فليس بما يُنغِّصُ على وليِّ نعمتك!

وسيقولون لكَ مُلِّبسين!: إنَّ للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شروطاً وضوابط... إلخ

 فلا تغترَّ بما يقولون إذ مرجع كلامهم ألاَّ تُزعل سلطانهم! ولا تكدّر عليهم صفو عيشهم! 

وإلا فلا أحدٌ ينكر أنَّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يخضع لضوابط شرعية كمراعاة المصالح والمفاسد، بما لا يعود على الشريعة بنقضِ أحكامها وتعطيلها، بل يقوده العلماء الصادقون غير المقيّدين بأموال السلطان ومنحِهِ! المتنعمين تحتَ جناحِهِ!

ووالله لو كان الأمر على فهمهم وأوهامهم! وأهوائهم! لما قام سوق الجهاد والاستشهاد، ولا كلمة حق عند سلطان جائر، ولا دفع البغي والعدوان، ولا إنكار المنكر لا بالقول ولا باليد ولا باللسان، ولا تطبيق شريعة الله ومعاداة أعدائها... إذ كل هذه العبادات الجليلة تستلزم المحن والامتحان، وما قام الدينُ إلا من خلالها، يقول المولى جلَّ في علاهُ: (الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ).

ويقول سبحانه: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِن دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً ۚ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)

فهذه الطريق هي طريق النضال والكفاح والجهاد هذه المعاني السامية، والنهج القويم يستلزم نقص أمن وأمان المُخذِّلينَ المنبطحين! وبه يميز الله الخبيث من الطيب؛ إذ (ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب). 

وهذه الطريق هي طريق الأنبياء والأصفياء والشهداء والعلماء، يقول الله تعالى: (إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) فمن مقاصد الشرع اتخاذ الشهداء! وهي طريق الصحابة الذين بهم قام الدينُ وثبتَ وانتشرَ. 

وهذه الطريق هي طريق النصر والتمكين (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُواْ ۖ وَكَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يُوقِنُونَ).

فالابتلاءُ والاختبارُ بالسّراء والضراء هي سنة الله تعالى في خلقه (وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ) (وَلِيُمَحِّصَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَيَمْحَقَ ٱلْكَٰفِرِينَ) (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين) إلى غير ذلك من المعاني والمقاصد الشرعية التي تهدم مقالات المنبطحين، وأوهام الحالمين! وترسخ مبادئ الدِّين وقِيَمِهِ ومقاصده التي بها قامَ واستقرَّ وانتشرَ بين الأمم.

فقد جرتْ سنة الله الشرعية، والكونية ألَّا تقومُ الدول، ولا تستمرُّ الأمم، ولا تردُّ الحقوقُ إلا بإقامة هذه المعاني والعمل بها. 

وهذا ما سار عليه الأنبياء والصادقون والمجاهدون من تحمل الأذى في سبيل نصرة الحق والدعوة إليه، والثبات عليه، فهؤلاء القوم زُلزلُوا زِلْزالاً شدِيداً وابتُلوا ابتلاءً عظيماً! حتى أظهر اللهُ هذا الدينَ في ربوع المعمورة.

فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ليعذرَ المؤمنين عن النفير في الحر.. ويتركهم في رغد العيش والاستقرار في الظلِّ! إلا ما كان من صنيع المنافقين! القائلين: (لا تنفِرُوا في الحرِّ!)!

ولا تركوا الدعوة إلى الحق والصدع به رغم ما ترتب عليه من وصف نبينا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه بالكاهن! والمجنون والساحر! والطعن في العلماء عبر القنوات الفضائية والمنصات الإلكترونية من التضليل والتشويه! بحجة! أنهم يدعون إلى القتل والفتن! وتارة ينكرون عليهم فتواهم في السياسة! أو السّلم والحرب! ويريدون من العلماء أن ينصاعوا وفق أهوائهم (ما يطلبه المستمعون) وبما يروق لأهواء الطغاة المستبدين! حتى تخلو لهم السَّاحة للعبث بدين الناس وأخلاقهم وقيمهم! بحجة: (الأمن والأمان)!!

ولم يرتضِ نبينا صلى الله عليه وسلم كيل المديح من ملأ قريش وكبرائهم وأغنيائهم! ولم يرتضِ البقاء معهم والعيش بينهم بوجاهةٍ وتبجيلٍ على حساب ترك تبليغ الدِّين!  

ولا تركوا الهجرة في سبيل الله والعيش في الغربة! وترك النعيم في مكة! بحجة الاستقرار بين الأهل والأحباب (الأمن والأمان!!).  

فهذه ضريبة إقامة الدين وشعائره.. التي لا يُوفَّقُ لها إلا الصادقون المخلصون.

ولا تلتفت لتنظير المخذولين! ولو تسمّوا بأسماء العلماء طالما رضوا بأن يعيشوا على موائد الطغاة ويتلذذون بفتات الظلمة الفجار، الأمرَ الذي آل بهم إلى الوقوف عند حدود ولي نعمتهم! وتجاوز حدود الله تعالى.

 

(المقالات المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل عن رأي كاتبها)