25من سبتمر ذكرى توقيع اتفاقية انسحاب ليبيا وفرنسا من تشاد

25من سبتمر ذكرى توقيع اتفاقية انسحاب ليبيا وفرنسا من تشاد

سبتمبر 25, 2022 - 12:04
القسم:

الاتفاقية الموقعة لم يلتزم بها القذافي الأمر الذي كلف فيما بعد ليبيا خسارة المئات من أبنائها 

أسرى ليبيون في تشاد

يوافق اليوم 25 من سبتمبر عام 1984م توقيع اتفاقية بدأ انسحاب القوات الليبية والفرنسية من تشاد بعد محاولات فاشلة من نظام معمر القذافي لاحتلال تشاد.

وكان نظام معمر القذافي قد بدأ بالتدخل في تشاد عام 1977م حيث قام بتمويل حركة فلورينا بقيادة كوكني وداي ومساعدة حسين حبري ضد الحكومة التشادية في ذلك الوقت.

وبعد وصول جبهة فلورينا للحكم في تشاد حدث انفصال بين كوكني وداي وحسين حبري وانحاز القذافي إلى كوكني وداي ضد حسين حبري، وكانت هذه المجموعة تطالب بشريط أوزوو الذي كان محل خلاف بين ليبيا وتشاد في السابق وقد فصل فيها من قبل الأمم المتحدة.

وأعلن القذافي الحرب على حسين حبري تحت اتفاق معلن بينه وبين كوكني وداي، ودخلت القوات الليبية وقوات كوكني داخل تشاد وسيطروا عليها، حاولت القوات الليبية الوصول إلى العاصمة التشادية (أنجامينا) وتدخلت القوات الفرنسية مع النظام السياسي في ليبيا لتقسم تشاد إلى قسمين وكان خط العرض 16 هو الفاصل بين القوات، وكانت أقرب مدينة لهذا الخط مدينة (فاد)، واستمرت القوات الليبية وقوات كوكني وداي في الشمال وقوات حسين حبري والقوات الفرنسية في الجنوب. 

وكان النمط العسكري للحرب برز في 1978، حيث كان الليبيون يمدون بالمدرعات والمدفعية والدعم الجوي، بينما كان حلفاؤهم التشاديون وقبائل دارفور (السودان) يقدمون المشاة التي تقوم بمعظم الاستطلاع والقتال.

هذا النمط تغير بشكل جذري قرب نهاية المعركة، عندما اتحدت كل القوات التشادية على مقاومة الاحتلال الليبي لشمال تشاد بدرجة من الوحدة غير مسبوقة في تاريخ تشاد.

هذا التغير حرم القوات الليبية من قوات المشاة، وجاء ذلك في الوقت الذي وجد الليبيون أنفسهم في مواجهة جيش عالي الحركة، مزود بالكثير من الصواريخ المضادة للدبابات والمضادة للطائرات، مما حيـَّد التفوق الليبي في النيران تبع ذلك كانت حرب التويوتا، التي طورد فيها الليبيون وطـُردوا من تشاد، الأمر الذي أنهى الصراع.

وقد تدخلت كل من فرنسا وليبيا في عدة مناقشات لمراعاة مصالحهم ولكن قد قوبل برفض من قبل التشاديون وتم تقسيم البلد إلى قسمين الشمالي بقيادة گوكوني عويضي وجنوب الخط عرض 16 بقيادة حبري حتى عام 1986، وبسبب محاولة القذافي وللمرة الثانية بتصفية كوكوني حيث حاول اغتياله في طرابلس مما تسبب بقتل اثنان من حراسه الشخصيين وإصابته هو بجروح بالغة وعلى إثره طالب جوكوني من قواته الانضمام إلى قوات حبري.

وطالبت الحكومة الفرنسية التي نشرت قواتها في تشاد من الرئيس كوكني أن يعمل على انسحاب القوات الليبية من تشاد، كانت القوات الليبية قد انسحبت إلى الشمال في ظرف أسبوع وتركت الرئيس كوكني وداي يواجه قدره مع حسين حبري المدعوم بقوات فرنسية، ليجد كوكني نفسه وللمرة الثانية وجهاً لوجه أمام قرار الهروب للجزائر.

خلال تلك الفترة وعلى امتداد 4 سنوات تعرَّض الجيش الليبي إلى الإهمال التام وصل إلى حد شُحّ الغداء، كما وصل الأمر ببعض الضباط والجنود إلى محاولة مغادرة المواقع هائما في الصحراء يتلمّس طريق العودة إلى الوطن، لكن الصحراء لم ترحمهم، وقالت البيانات العسكرية إنهم مفقودون.

عام 1987 تحرّكت قوات حبري مصحوبة بقوات فرنسية وهاجمت قاعدة وادي الدوم، راح ضحيته 1200 جندي ليبي وتدمير 300 دبابة ومدرعة وتم أسر 250 بين جنود وضباط بينهم قائد المنطقة، عادت القوات الجوية الليبية لاحقاً وقصفت قاعدتها في وادي الدوم بنيران جوية كثيفة، كي لا تستفيد قوات حبري من بقايا الطائرات والدبابات ومخازن الأسلحة.

كانت القوات التشادية تنهج أسلوب العمليات المباغتة، كما تعتمد على حرب العصابات في الصحراء، تسلّلت القوات التشادية إلى داخل قاعدة معطن السارة في عمق الجنوب الليبي، وهاجمتها في معركة قُتل فيها من الجنود الليبيين 1700 جندي وتم أسر ما يربو عن 400 بين جنود وضباط ليبيين.

وقد تحدث عدد من الأسرى عن معاناة قاسية وتعذيب وإذلال، حيث كان الضابط في الجيش التشادي يختار أحد الأسرى ويجعله خادما له، يحضر له الأكل والشاي ويغسل الملابس مثل الخادم، ويقول بعض رفاق الأسرى إن بعضهم لم يعد يعرف مصيرهم حتى الآن، لم يعترف العقيد القدافي بوجود مئات الأسرى الليبيين لدي القوات التشادية، وحتى عندما تم إبلاغه بأن قائد الجيش الليبي خليفة حفتر بنفسه موجود ضمن الأسرى، كان القدافي يرّد على الصحفيين "إذا كنتم تتحدثون عن راعي غنم في الصحراء اسمه حفتر فهذا أعرفه، أنا لا أعرف أحدا بهذا الاسم".

قررت الأمم المتحدة رفع النزاع عن الطرفين، وحكمت محكمة العدل الدولية بعد مداولتها لصالح تشاد، ليعود الشريط إلى تشاد بعد صراع دام خلّف الآلاف من القتلى والأسرى.

وفي فبراير من العام 1994 أقرّت الحكومة الليبية بتسليم شريط أوزو لتشاد بعد خسائر فادحة منيت بها ليبيا.