إذا الشعب يوما أراد الانتخابات

إذا الشعب يوما أراد الانتخابات

نوفمبر 20, 2022 - 12:17

بقلم الكاتب/عبدالله الكبير

عبدالله الكبير

 كل التصريحات والتأكيدات عن رغبة الشعب الليبي في إجراء الانتخابات، للتخلص من الطبقة السياسية المهيمنة غير عملية. فإذا سلمنا بأن الرغبة موجودة والتعبير عنها واضح عبر البيانات واستطلاعات الرأي، فهل بالرغبة وحدها سوف تنجز الانتخابات؟ متى كان نيل المطالب بالتمني والرغبات؟

 فصول الأزمة تتعاقب كتعاقب الليل والنهار أو فصول العام، في عود أبدي لا يتغير. حوارات، لقاءات، مؤتمرات دولية، جلسات لمجلس النواب ومجلس الدولة، لقاء بين رئيسي المجلسين، توافق على النقاط الخلافية، استمرار الخلاف حول بعض النقاط، مبعوث أممي جديد يباشر مهمته، جلسة لمجلس الأمن مخصصة للأزمة الليبية، وبين الحين والآخر اشتباكات مسلحة.

ليس ثمة أي جديد، بل بالإمكان وضع التوقعات للخطوات القادمة بناءا على ما تقدم، بينما يستمر الشعب في التعبير عن رغبته في إنجاز التحول السياسي بالانتخابات، عبر وسائل الميديا وتجمعات تنتهي ببيان يؤكد هذه الرغبة، التي لن تقع إلا عبر توافق دولي مفقود، ولا ينتظر تحققه في الأفق المنظور، أو عبر انتفاضة شعبية واسعة النطاق، لها مطلب واحد هو إسقاط السلطات القائمة وانتخاب مجلس تأسيسي جديد يتولى السلطة. 

 إذا كانت الانتخابات فعل مهدد لأهل السلطة، ستطيح بهم وتقضي على ما يتمتعون به من امتيازات، فلن يعملوا من أجلها أبدا، وإذا كانت بعض الدول المنخرطة في الصراع ستفقد حلفائها بسبب الانتخابات، فسوف تعمل على افشالها وسد كل السبل المؤدية اليها. هذه حقائق لا تقبل الجدل، وإذا كانت هناك استثناءات فهي محدودة، وغير بعيدة عن المصلحة الخاصة.

 التباين الدولي المستمر حول ليبيا انعكس جليا في جلسة مجلس الأمن الأخيرة، اللافت أنها عقدت بدعوة من المندوب الروسي، وجاءت بعد نحو أسبوعين من جلسة سابقة قدم فيها المبعوث الأممي الجديد أول احاطة عقب استلامه لمهامه، وكانت مثل سابقاتها، استعراض لمواقف الدول الأعضاء من الأزمة، دون طرح حلول واقعية، أو وضع آليات لمعاقبة المعرقلين للانتخابات.

 الدعوة الروسية في اللحظة الراهنة تعني التلويح بورقة ليبيا في وجه الدول الغربية، عقب التراجع الروسي الأخير في أوكرانيا، وتصريح المندوب الروسي بعدم إمكانية إجراء الانتخابات أو توحيد المؤسسات، أي تجميد الأوضاع في حالتها الراهنة، وتقويض أي تحرك دولي للضغط على الأطراف المتنازعة، على الضد من الرغبة الأمريكية التي تدعو لإجراء انتخابات، وعدم الذهاب إلى مرحلة انتقالية جديدة. 

 لا سبيل إذا لتوافق دولي قريب مادامت الحرب مستمرة في أوكرانيا، فهي المواجهة الرئيسية بين روسيا والدول الغربية، وباقي الأزمات إنما تقع على هامشها، مع الارتباط الوثيق بها بكل تأكيد.

 المطالبات المحلية المحدودة والمشتتة، لن تدفع أطراف الصراع إلى الرضوخ والقبول بمغادرة المشهد سلميا عبر الانتخابات، مالم يسندها حراك قوي وفعال ومستمر من الشعب عبر مظاهرات لا تتوقف، ولعل المبادرة الأخيرة التي أطلقتها أكثر من مائة شخصية ليبية، وتطرح حلا عمليا لمواجهة الانسداد، بإجراء الانتخابات بمرجعية الإعلان الدستوري وقانون الانتخابات رقم 4 لسنة 2012، وإشراف الأمم المتحدة، تمنح فرصة كبيرة لحراك شعبي واسع يتبنى المبادرة، ويجهر مطالبا بعثة الأمم المتحدة بالعمل على تنفيذها، فانتطار توافق سلطات الأمر الواقع لن يؤدي إلا إلى المزيد من الانتظار، من دون تحقيق أي تقدم.

 

(المقالات المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل عن رأي كاتبها)