الأزمة الليبية في مشهدها المقبل

الأزمة الليبية في مشهدها المقبل

ديسمبر 04, 2022 - 02:05

بقلم الكاتب| عبدالله الكبير

 

فشل الرهان على مجلسي النواب والدولة في إجراء الانتخابات مرات عديدة، في هذا التوقيت قبل عام، كان الجميع يستعد لانتخابات 24 ديسمبر، ماعدا قلة كانت تعرف أنها لن تجرى لأنها كانت تعمل على إجهاضها، ومع اقتراب الموعد برزت عوامل أخرى طارئة ساهمت في الإجهاز عليها تماما، كترشح شخصيات جدلية ترفضها قطاعات واسعة من الشعب، ليأتي يوم الاستحقاق كيوم عادي كسائر الأيام، فيما تنصل الجميع من المسؤولية وحمل خصومهَ مسؤولية هذا الاخفاق.

ولم يتوقف الضغط الدولي والمحلي لدفع الفرقاء إلى تنفيذها في أقرب وقت ممكن، ولكن عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، مع رئيس مجلس الدولة يواصلان مناوراتهما لتعطيلها، بالتذرع بوجود نقاط خلافية في مسودة الدستور، وضرورة تشكيل حكومة موحدة، تبسط نفوذها على كل أرجاء البلاد، وتغيير قادة المؤسسات السيادية، كخطوات لابد من لإجراء الانتخابات، وتتناقل وسائل الإعلام الأخبار عن إجراء عدة لقاءات بينهما في القاهرة، يعقبه لقاء آخر في الزنتان، لوضع اللمسات الأخيرة على ما تم التوافق عليه، ولم تعلق البعثة الأممية على هذه الاجتماعات الثنائية، التي يفترض أن المبعوث الأممي قد شارك في واحد منها على الأقل.

الصورة اليوم في غاية الوضوح، فالمشري وعقيلة لن يغادرا مواقعهما إلا إذا ضمنا مواقع أرفع في مرحلة انتقالية جديدة، فيما تصر حكومة الوحدة الوطنية على عدم تسليم مهامها، إلا لحكومة يشكلها مجلس نواب منتخب، أما المجلس الرئاسي فمازال ينأى بنفسه عن جدل الصراع، ويتنصل من كافة المسؤوليات التي يتعين عليه النهوض بها، حتى في الأزمة الأخيرة مع اليونان، لم ينتصر للسيادة الليبية وأصدر بيانا باهتا نصفه مجاملة غير مبررة لليونان.

المتصارعون على السلطة لا يرغبون في الاحتكام للانتخابات، فهم يدركون أنها ستكون المسمار الأول والأخير في نعش إسقاطهم، ونزع ما بين أيديهم من حياة مادية باذخة، وامتيازات لم يحلموا بها يوما، والمشهد رغم كل تعقيداته أمام مفترق طرق، الأول هو استمرار اللحظة الراهنة، في مفاوضات ولقاءات وحوارات لا طائل من ورائها، والثاني هو نجاح عقيلة والمشري، مع الجناح المؤيد لهما في المجلسين، في التوصل إلى توافق شامل بتشكيل حكومة ومجلس رئاسي، وتسمية شخصيات جديدة للمناصب السيادية، على أن الطريق نحو وضع هذه التوافقات موضع التنفيذ دونه عقبات لا يستهان بها.

فالموقف الأمريكي والبريطاني والتركي، لا يرى سبيلا لتغيير الحكومة إلا عبر انتخابات تحسم الجدل حول الشرعية، والموقف الشعبي في غالبيته يرفض من الأساس تمديد المراحل الانتقالية، واستمرار تقاسم السلطة بين نفس الشخصيات، ولا يرى بديلة على تنفيذ الانتخابات، فضلا عن العوائق الدستورية والقانونية، إذ يتعذر على صالح والمشري توفير النصاب المطلوب لتمرير ما اتفقا عليه في جلسات رسمية لمجلسي النواب والدولة، وكذلك ضرورة إشراف البعثة الأممية على هذا التحول السياسي، ومن ثم ستكون ثمة ضرورة لملتقى حوار سياسي، لن يقتصر على مجلسي النواب والدولة بل سيضم شخصيات سياسية وأخرى من منظمات المجتمع المدني، ومن ثم قد تمضي الأمور في اتجاهات لا يرغب فيها صالح والمشري.

الطريق الثالث هو الرفض الشعبي الجاد، والعملي عبر المظاهرات ضد أي محاولة تهدف لاستمرار المراحل الانتقالية وتأجيل الانتخابات، وهذ الطريق هو أضمن وأسهل خيار لإجبار الجميع على الانصياع لإرادة الشعب وإجراء الانتخابات.

 

(المقالات المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل عن رأي كاتبها)