برلين 3.. هل ثمة جديد؟

برلين 3.. هل ثمة جديد؟

ديسمبر 15, 2022 - 10:52

مقال رأي بقلم الكاتب الصحفي عبدالله الكبير

 تستأنف الدبلوماسية الألمانية نشاطها في الأزمة الليبية بالإعداد للنسخة الثالثة من مؤتمر برلين، وبهذا التحرك مع تأكيدها على دعم المبعوث الأممي عبدالله باتيلي في مهمته، تسعى المانيا إلى استعادة الدور الأوربي في الأزمة، ومنافسة دول أخرى من خارج الاتحاد الأوروبي، أضحت لها اليد الطولى في النفوذ والتأثير في ليبيا، مثل روسيا وتركيا.

 النجاح على النسبي لمؤتمري برلين السابقين، في تثبيت وقف القتال، ووضع أسس ملتقى الحوار السياسي الليبي في تونس وجنيف، يغري الدبلوماسية الألمانية بالشروع في جمع الفرقاء الأقليميين والدوليين، للبحث مجددا في سبل تيسير حل يفك حالة الانسداد، ويمهد الطريق لإجراء الانتخابات، بعد تعذر تحقيق أي تقدم نحو الانتخابات بين الأطراف المحلية.

 ومع التحرك الدبلوماسي الألماني، يبدأ المبعوث الأممي باتيلي تلمس خطواته الأولى لجمع الأطراف الرئيسية للأزمة، والتي ينتظر منها التوافق على الأساس الدستوري والقانوني للانتخابات، من دون أي أمل في تحقيق هذا التوافق، بسبب الرؤى المتباينة لشروط الترشح للانتخابات الرئاسية.

 لا تظهر الأطراف الدولية الفاعلة مثل الولايات المتحدة، رغبة جدية في إنهاء الأزمة لأسباب عدة. أهمها وجود أزمات أخرى أكثر أهمية، كالحرب في أوكرانيا، والصراع البارد مع الصين، والسلاح النووي الإيراني، والنشاط العسكري لكوريا الشمالية، فضلا عن أزمة الطاقة العالمية، والأزمة الاقتصادية، والاتحاد الأوروبي غير فعال في الأزمات الخارجية، لأن الدول الرئيسية فيه تنطلق في مواقفها من مصالحها الخاصة، لا من مصلحة الاتحاد، وهو مايعد تحديا كبيرا لألمانيا، فالتنافس الإيطالي الفرنسي يلقي بظلاله على أي تحرك من التكتل الأوروبي.

على المستوى المحلي، دعا المجلس الرئاسي إلى حوار ثلاثي يجمعه مع مجلسي النواب والدولة، بمباركة المبعوث الأممي عقب فشل لقاء عقيلة صالح والمشري في الزنتان، ويفترض أن يبحث هذا الحوار عن رؤية تخرج البلاد من هذا الانسداد، إذا استجاب مجلس النواب، وقدر لهذا الحوار أن ينطلق.

 التزامن بين الحراك الدبلوماسي الألماني بالتحضير لمؤتمر برلين الثالث، والحوار المحلي بين المجالس الثلاثة، يشي بالإعداد لملتقى حوار جديد، على غرار ملتقى تونس جنيف السابق، فالحوار الذي يدعو له المجلس الرئاسي سوف يتسع، ليشمل شخصيات ممثلة لأحزاب سياسية، ومنظمات مجتمع مدني، ومن ثم سيكون بمثابة تمهيد لملتقى شامل، يبحث الأساس الدستوري والقانوني المنظم للانتخابات، بمشاركة طيف سياسي واجتماعي واسع، لتحجيم دور مجلسي النواب والدولة في تقرير مصير الانتخابات.

 فالكل تقريبا أدرك أن انتظار مجلسي النواب والدولة لاطائل من وراءه، فليس ثمة إرادة حقيقية من المجلسين للتوافق، والخروج من المشهد بشكل سلمي عبر الانتخابات، وقد صدرت توصيات عدة من مراكز بحثية مرموقة تدعو إلى إنهاء نفوذهما علي التشريعات الخاصة بالانتخابات.

 هل ثمة جديد يمكن أن يطرحه مؤتمر برلين 3 إذا قدر له الانعقاد؟

بالنظر إلى التجارب السابقة، والحلول القليلة التي طرحتها، لن تكون إجابة السؤال عسيرة، فكل المواقف والحلول المقترحة، تبدو وكأنها تهدف إلى تجميد الصراع، وليس لتحقيق اختراق حقيقي، يستجيب لتطلعات الشعب الليبي.

ومع هذه التحركات السياسية والتي لا ينتظر منها الكثير، تضج البلاد بقضية تسليم المواطن بوعجيلة المريمي لأمريكا، على خلفية اتهامه بالضلوع في تفجير طائرة لوكربي، فيما تسعى بعض الأطراف السياسية استغلال الحادثة للنيل من حكومة الدبيبة، المتهمة بتسليمه رغم أن ملف الأزمة أغلق تماما، وتمت التسوية بتعويض أسر الضحايا، ووقع الجانبان الليبي اتفاق شامل ينهي أي مطالبات في المستقبل.

 (المقالات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل عن رأي كاتبها)