الانتخابات أو التمديد للخراب

الانتخابات أو التمديد للخراب

يناير 09, 2023 - 12:55

بقلم الكاتب| عبدالله الكبير

عبدالله الكبير

رفض مجلس الدولة مبادرة المجلس الرئاسي للاجتماع الثلاثي في غدامس، من دون توضيح أسباب هذا الرفض، فيما تجاهل مجلس النواب ورئيسه المبادرة تماما، وتفاديا للسخط المحلي والدولي إزاء هذا الرفض، هرع رئيسا المجلسين للاجتماع في القاهرة، في رسالة سريعة قد تخفف حجم الضغط عليهما، مفادها أنهما يواصلان البحث عن مخرج للأزمة، عبر إقرار قاعدة دستورية للانتخابات، وهذا سيمتص بعض الغضب الناتج عن رفض مبادرة الرئاسي. ثم خرجا ببيان ومؤتمر صحفي، كررا فيه نفس الخطاب الذي بات مألوفا لكل متابع للشأن الليبي، ومن ثم فهما مستمران في مطاردة نفس الهدف، الذي بات أقرب للسراب. 

 لم تنل مخرجات لقائهما وتصريحاتهما أي تأييد من أي طرف أو دولة منخرطة في الصراع، تعليق البعثة الأممية المتأخر، ثم السفير الأمريكي لم يأخذا من مخرجاته إلا الجانب الخاص باستكمال القاعدة الدستورية وتنفيذ الانتخابات.

 مجال المناورة أمام عقيلة والمشري بات يضيق مع استمرار الضغط الأمريكي والأوربي، وإذا استمر اخفاق المجلسين ومماطلتهما، فاللجوء للخيارات البديلة سيكون هو السبيل الوحيد المتاح لإنهاء حالة الجمود السياسي، وإنجاز التغيير عبر الانتخابات، وهذه البدائل تنحصر في تحرك المجلس الرئاسي بدعم دولي واضح، وتأييد من الأمم المتحدة، وبما أن هذه الخطوة ستنطوي على إزاحة مجلسي النواب والدولة، لابد من ضغط أمريكي على حفتر لكي لايعارض هذه الخطوة، فيجد فيه مجلس النواب سندا وظهيرا لرفضها، وكذلك على الحكومة المصرية باعتبارها الداعم الأقليمي لبرلمان طبرق، أو التحضير لعقد ملتقى سياسي على غرار ملتقى تونس جنيف، وستكون المعضلة الرئيسية لهذا الخيار هي معايير اختيار الشخصيات المشاركة، فكل أطراف الصراع ستكون حريصة على مشاركة ممثليها، بل وستسعى أطراف أخرى خارج دوائر السلطة، إلى الحصول على موطئ قدم في محفل سياسي يقربها من الظفر بموقع مناسب في المرحلة المقبلة. 

 إزاء ردود الفعل الغاضبة في الغرب الليبي، خرج رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري على قناة ليبيا الأحرار، لتوضيح بعض تفاصيل مواقفه الأخيرة، وكانت آراءه مقبولة في عدة نقاط مثل اللجوء لاستفتاء الشعب على بند ترشح مزدوجي الجنسية، لكن مبرراته لرفض مبادرة المجلس الرئاسي لم تكن مقنعة، كما أنه كشف عن عدم تمسكه بخيار تجاوز حالة الانقسام الحكومي، وتشكيل حكومة ثالثة تشرف على الانتخابات، مصرا أنه لم يبحث مع عقيلة سوى ملف القاعدة الدستورية، ووجه دعوة متحدية لمناظرة متلفزة مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة، الذي يجاهر في كل المناسبات باتهام عقيلة والمشري بتعطيل الانتخابات، بينما صرح المشري أن الدبيبة مستعد لدفع المليارات لاجهاضها. 

إذا استجاب الدبيبة للتحدي وقبل مواجهة المشري، فلا شك أن هذا سيكون حدث كبير، وسيكشف الكثير من الأمور من المخفية، ولكنها ستكون أكثر أهمية حين تجرى بين مترشحين يسعى كلاهما إلى حصد أصوات الناخبين، أما الموقف الحالي فلا يحتاج من المشري إلا سرعة التوافق مع غريمه وشريكه عقيلة صالح، وإنجاز الوثيقة الدستورية حسب تسميته، ووضع الكرة في ملعب الدبيبة لنرى إن كان بوسعه عرقلة المسار نحو الانتخابات، بعد تجاوز المعضلة الأكثر صعوبة وهي القاعدة أو الوثيقة الدستورية. 

ماهي السيناريوهات المتوقعة في قادم الأيام الأسابيع؟ 

_تحرك المبعوث الأممي لعقد اجتماعات منفصلة مع كافة الأطراف الفاعلة، للبناء على التفاهمات الأخيرة حتى تكتمل القاعدة الدستورية، وتحديد مواعيد العملية الانتخابية، مع متابعة الأطراف الدولية وتقييمها لنتائج هذا التحرك. 

_استمرار اللقاءات بين عقيلة والمشري، والتحضير للاستفتاء الشعبي على بند ترشح مزدوجي الجنسية، من دون ضمانات في عدم عرقلة هذه الخطوة من حفتر، إذا شعر أن النتيجة سوف تقصيه عن المشاركة، وفي هذه الحالة تبقى الأمور في مربعها الأول. 

_بقدر اقتراب عقيلة والمشري من انجاز الوثيقة الدستورية سيقع التقارب بين المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية من جهة مع معسكر حفتر، وقد ينتج عن هذا التحالف الطارئ إقصاء مجلسي النواب والدولة عبر مراسيم رئاسية، وفرض أمر واقع جديد مسنود بالقوة المسيطرة على الأرض شرقا وغربا. 

بلوغ حالة اليأس ذروتها لدى بعثة الأمم المتحدة، والأطراف الدولية الداعمة للانتخابات، ومن ثم تبدأ البعثة في التحضير لملتقى سياسي جديد. 

 إن هذه السيناريوهات، أو غيرها ولم تكن متوقعة، لا تصل بالبلاد إلى الانتخابات يعني استمرار حالة الانسداد، وأي سيناريو يتيح للكيانات والشخصيات الحالية الاستمرار في المشهد لا يعني سوى التمديد للخراب.

 

(المقالات المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل عن رأي كاتبها)