جريمة إحراق القرآن الكريم

جريمة إحراق القرآن الكريم

يناير 31, 2023 - 13:20

بقلم الكاتب/أسامة المبروك صالح

ما أكثر الحاقدين على القرآن من أعدائه! وما أكثر الجاهلين بالقرآن من أدعيائه! فمنذ أن ظهر هذا القرآن على وجه الأرض، وأعداؤه يتربصون به الدوائر، ومعركتهم ضده دائرة في كل زمان ومكان، فمن معركة التشهير، إلى معركة التنفير، ومن معركة التمويه، إلى معركة التشويه، ومن معركة الكيد الخفي، إلى معركة العدوان الجلي، ومن معركة العدوان الظاهر، إلى معركة التدنيس الجائر. 

وما ذاك إلا لمعرفتهم بقوة الإسلام، وأنَّ القرآن الكريم هو مصدر العزة، ومهلم الشعوب المسلمة، ومثير الهمم.

اشتهر في وسائل الإعلام خلال هذه الأيام أن بعض أعداء القرآن في الغرب حرقوا القرآن في ساحاتهم، وقد تكررت هذه الجريمة أكثر من مرة. 

المعادلة الطبيعية تقول:

بما أنَّ العدو الغربي الحاقد يغتاظ من القرآن الكريم، يراه منهجاً مصادماً لما عليه من الحداثة والعلمانية.

وبما أنهم يخافون من القرآن الكريم كل هذا الخوف.. ويعادونه كل هذا العداء.

وبما أنَّ منهج القرآن الكريم منهجٌ كاملٌ؛ فكراً وعبادة ًوعقيدةً وحياةً.

النتيجة الطبيعية تقول: يجب علينا التمسك به إيماناً وعملاً، ننشر مبادئه وقيمه بين أسرنا في أنفسنا، وبين الأمم بكافة اللغات، حتى ننال الرفعة في الدنيا، والفوز في الآخرة. 

وهذه المقدمات والنتائج نقولها للمشككين والمرتابين من بني جلدتنا في القرآن الكريم.. نقولها للمتوهمين المنبهرين بزيف حضارة الغرب! 

وإلا فالمسلم يعلم يقيناً عظم ومكانة القرآن الكريم، لكونه كلام رب العالمين، مصدر عزتهم ورفعتهم ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ۖ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ﴾.

الغربُ ما سنَّ قانوناً إلا وخالفه! وما أرسى قواعد إلا وعارضها إذا وقفت أمام الإسلام والمسلمين ومقدساتهم؛ إذ ينصون في قوانينهم في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على وجوب احترام حرية العبادة واحترام الأديان!! فازدواجية المعايير والتناقض عند الغرب لا منتهى له!

وهنا يسأل المسلم الغيور: ماذا نفعل تجاه هذه الجريمة الشنعاء؟ 

الواجبُ عليك كثيرٌ: بأنْ تغضب لربك، وتنصر دينه، وتغيظ أعداء الله بتمسكك بدينك، بأنْ تحفظ القرآن الكريم، ولا أقلَّ من أن تجعل لنفسك برنامجاً وورداً لكتاب ربك يومياً.

فإذا كان الكافر قد حرق القرآن الكريم فنحنُ قد هجرناهُ بجرائمنا ومخالفاتنا! في معاملاتنا بالرشوة والربا والزنا والاختلاس... وهلم جرا

أما إهانة الكافر للقرآن الكريم فليس بغريب ولا بجديد، وإنما الغريب المسلم الذي يضيع القرآن، ويهجر القرآن، العجيب أنْ تمرَّ هذه الأحداث على المسلمين دون تحريك ساكن! ضد أعداء الإسلام.

نعم! يجب أن نقف ضد حرق القرآن الكريم بالإنكار، يجبُ أن نرفع صوتنا عالياً بالإنكار على كافة المستويات والأصعدة إعلامياً، ميدانياً، مؤسساتياً، ضد أعداء الله الذين يظهرون حقدهم وفجورهم ضدَّ الإسلام ومقدساته! يجبُ علينا أن نرجع إلى كتاب الله تعالى بالعلم والعمل، بالحكمة والموعظة الحسنة؛ لنصلح به أنفسنا، ونبني به مستقبلنا، ونصنع به حياةً ننعم فيها بالعزة والرفعة بين الأمم.

المسلم -وهو يرى هذا العدوان على القرآن الكريم- لا ينبغي له أن يصاب باليأس والقنوط؛ لأن القرآن نفسه هو الذي قال: {وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}، وهو الذي قال: {وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ}، فحرقهم للقرآن دليل على يأسهم من النيل من إيمان المؤمنين به، وفعلهم هذا بالقرآن الكريم علامة على أنهم جبناء قد أخذ القنوط منهم كل مأخذ. 

إنَّ حرق القرآن الكريم يجب أن يكون دافعاً لنا للرجوع إلى القرآن الكريم، بدءاً من الأب في الأسرة، إلى الحاكم في الدولة، لنعيش مع القرآن في معاملاتنا، لنحافظ على القرآن الكريم بقلوبنا وأفئدتنا وأعمالنا حتى يغير الله ما بنا؛{إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}.

فالقرآن الكريم يفتح للأمة بهذه الآية الكريمة باب الأمل، ويقول لكل مسلم: غيّر نفسك يتغير التاريخ، غيّر نفسك من الفساد إلى الصلاح، ومن الظلم إلى العدل، ومن الجهل إلى العلم، ومن الخمول إلى العمل، ومن الحرام إلى الحلال، فإن الله تعالى قد وعد بأن يغير ما بك من مرارة الهزيمة والخذلان، إلى حلاوة النصر والأمان، ومن آلام الحزن والأسى، إلى آمال الفرح والسكينة والاطمئنان، ومن مأساة عنف القاسطين، إلى عنفوان رفق المقسطين.

فهلموا إلى رحاب القرآن الكريم بالحفظ والتحفيـظ... 

فهلموا إلى رحاب القرآن الكريم بالتلاوة والتجويـد... 

فهلموا إلى رحاب القرآن الكريم بالشرح والتفسيـر... 

فهلموا إلى رحاب القرآن الكريم بالتطبيق والتحكيم... 

فهلموا إلى رحاب القرآن الكريم بالتدبر والتفكيـر...

وتلكم هي حقوق القرآن الكريم، وعند ما ضاعت تلك الحقوق ضاعت الأمة بكل مقوماتها، وما انهزمت الأمة اليوم أمام الصهاينة والصليبيين إلا حينما ضيعوا حقوق هذا القرآن الكريم؛ ما ضاع شرع الله إلا بضياعها، وما ضاعت حقوق الإنسان إلا بضياعها، وما ضاعت الثقة والأمانة إلا بضياعها، وما ماتت الضمائر الحية إلا بضياعها، وما سقطنا في متاهات الديون الربوية إلا بضياعها، وما سادت الرشوة في معاملاتنا إلا بضياعها، وما انتشر الغش في أسواقنا إلا بضياعها، وما انتشر الظلم الاجتماعي إلا بضياعها، وما عانت الإنسانية من الحروب والتقتيل والتشريد إلا بضياعها، وما حُوربتْ الأُسرةُ، ودعا الفسقة إلى نشر الرذيلة بين الشباب إلا بالابتعاد عن القرآن الكريم وأحكامه وهديه. 

شباب الأمة: ارفعوا رؤوسكم بالافتخار بالقرآن الكريم وتعاليمه.. انشروه في مجتمعاتكم وبين أهليكم وأصدقائكم.. أغيظوا أعداء الإسلام بتمسككم به والذب عنه.

حكّام المسلمين والمسؤولين: اغضبوا لربكم وشرعكم الكريم! قاطعوا أعداء الإسلام، سياسياً ودبلوماسياً واقتصادياً فهذا أقلُّ الواجب في حقكم أمام ربّكم، فنصرتكم للدين هي نصرةٌ لأنفسكم وأمتكم، ونجاةٌ لكم في آخرتكم.

(المقالات المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل عن رأي كاتبها)