الفصل الأول في مشهد نهاية مجلسي النواب والدولة 

الفصل الأول في مشهد نهاية مجلسي النواب والدولة 

مارس 01, 2023 - 11:32

بقلم الكاتب/عبدالله الكبير

عبدالله الكبير

مسدلا الستار على مناورات عقيلة صالح رئيس مجلس النواب وخالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة، أعلن المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا عبدالله باتيلي، عزمه تشكيل لجنة رفيعة المستوى تعد الأساس القانوني للانتخابات المقبلة، مع خارطة طريق بتواريخ محددة وملزمة لخطوات العملية الانتخابية. المهلة التي منحها باتيلي للمجلسين انتهت مع تقديمه لاحاطته أمام مجلس الأمن، من دون أن يتوصلا إلى أي توافق، وهو ما كان متوقعا بالنظر إلى الخلافات العميقة حول شروط الترشح للانتخابات الرئاسية، فضلا عن رغبتهما في الاستمرار في المشهد السياسي إلى أقصى مدى ممكن.

 حتى التعديل الدستوري الذي طرحه عقيلة صالح باسم مجلس النواب، ولم يصوت عليه المجلس الأعلى للدولة حتى الآن، لم يقنع باتيلي ولا الدول المؤيدة لإجراء الانتخابات، مشيرا في احاطته إلى أنه يثير الجدل في الأوساط السياسية، ولا يعالج معايير الترشح للرئاسة، ولا يضع جدولا زمنيا لإجراء الانتخابات، وهي أسباب كافية لتجاوز مجلسي النواب الدولة، وعدم إهدار المزيد من الوقت في انتظار لن يفضي إلى شئ.

 اللجنة التي يعتزم باتيلي تشكيلها ستجمع مابين 30 إلى 40 شخصية من أصحاب المصلحة، والمؤسسات، وزعماء قبليين، ونساء وشباب، أي أنها ستجمع طيفا سياسيا واجتماعيا واسعا، ومن المحتمل أن يزيد العدد عن الأربعين لإشراك أقصى ما يمكن من ذوي المصلحة في إجراء الانتخابات، كالأحزاب السياسية. ولم يذكر باتيلي أي تفاصيل حول الآليات والمعايير التي سيعتمدها في عملية الاختيار، لكنها ستكون محل جدل وانتقاد في كل الأحوال، فلا يمكن ارضاء الجميع.

مبادرة باتيلي نالت ترحيبا واسعا من أغلب الأعضاء في مجلس الأمن باستثناء تحفظ روسي متوقع، أما داخليا فقد رحبت بها الاحزاب السياسية، بينما انتقدتها رئاسة مجلس النواب والحكومة التابعة له، ولم يعلق مجلس الدولة ودعا رئيسه إلى عقد جلسة يوم الخميس في محاولة لإقرار التعديل الدستوري الثالث عشر، وفي الأوساط الشعبية قوبلت المبادرة بارتياح لأنها تتجاوز المجلسين، مع تفاؤل حذر في أن تقود الخطة إلى حل ينهي حالة الانسداد السياسي.

الطريق نحو تنفيذ المبادرة، وتشكيل اللجنة العليا الموجهة للانتخابات لن يكون مفروشا بالورود، فالاجماع الدولي مايزال مفقودا، حتى مع التوافق على أن طريق الحل هو الانتخابات، فالمندوب الفرنسي تحدث عن تشكيل حكومة موحدة قبل الذهاب للانتخابات، بينما ترحب أمريكا وبريطانيا بالمبادرة، وكلاهما ترغبان في الذهاب مباشرة إلى الانتخابات، وروسيا تعرف أن وجودها في ليبيا هو الهدف الرئيسي من هذا الحراك الأمريكي البريطاني، ويحذر مندوبها من العجلة، واعدا بدراسة مبادرة باتيلي بجدية، أما مصر فمازالت تتمسك بالمسار الدستوري الذي ترعاه، وتتمسك بقيادة مجلسي النواب والدولة للعملية السياسية، ولكنها تأثيرها سيكون ضعيفا أمام الرغبة الدولية والمحلية في تنفيذ الانتخابات، ولأن كل الأطراف الدولية الإقليمية لديها وكلاء محليون تحرص على استمرارهم في المشهد، فالتقدم في تنفيذ المبادرة حتى يتحقق المأمول منها، يستلزم استمرار مساندة الفاعلين الدوليين للمبعوث الأممي، وقد يتطلب الأمر التلويح الجدي بعقوبات دولية للمعرقلين. 

 مجلسا النواب والدولة لن يتم اقصاؤهما تماما من العملية السياسية، ولكن حجمهما في اللجنة الجديدة لن يتيح لهما التحكم فيها، وسيكون التعديل الدستوري من بين الأسس التي ستبنى عليها القاعدة الدستورية، بعد تعديله وفقا لما سيتم التوافق عليه بين أعضاء اللجنة، واستكمال قوانين الانتخابات وشروط الترشح للانتخابات الرئاسية، مع الاستعداد لإجراء انتخابات تشريعية فقط إذا استمر الخلاف حول الرئاسية، ولكن طرح المبادرة في حد ذاته كتب الفصل الأول لنهايتهما، وبزوالهما تدخل البلاد في مرحلة سياسية جديدة.

 

(المقالات المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل عن رأي كاتبها)