السباق نحو الاستحواذ على ملف الانتخابات

السباق نحو الاستحواذ على ملف الانتخابات

مارس 21, 2023 - 19:27

بقلم الكاتب عبدالله الكبير

تأخر بيان مجلس الأمن الداعم لمبادرة المبعوث الأممي باتيلي قليلا، لكنه صدر في النهاية مؤكدا على خطة باتيلي بشأن تشكيل لجنة توجيهية رفيعة المستوى تتولى إكمال ما يتوصل إليه مجلسا النواب والدولة بشأن الأساس القانوني للانتخابات.

صدور البيان بموافقة كل الأعضاء، وعدم اعتراض روسيا أو فرنسا يعني أن صيغة البيان ومفرداته كانت مقبولة ومرضية للجميع، إذ لابد من توافق الأعضاء رغم اختلاف المواقف والمصالح المتعارضة بين أمريكا وبريطانيا من جهة، وروسيا من الجهة الأخرى، والموقف الفرنسي المختلف عن بقية الحلفاء الغربيين، لكي لا يفقد مجلس الأمن دوره في معالجة القضايا الدولية، وهذا يحتم على الاعضاء الحد الأدنى من التوافق على أقل تقدير، قبل التصويت تجنبا لاستخدام حق النقض.

كان وقع البيان محبطا لمجلسي النواب والدولة ماعدا بعض النواب والأعضاء في المجلسين، و لأطراف سياسية وعسكرية لا ترغب في الانتخابات، وتسعى لتمديد المرحلة الانتقالية، لأن البيان يذهب مباشرة إلى الانتخابات، ولم يشر إلى توحيد السلطة التنفيذية أو تشكيل حكومة جديدة، أو توحيد المؤسسات وتسمية شخصيات جديدة للمناصب السيادية، وهي مربط الفرس بالنسبة لرئيسي المجلسين، وكذلك لبعض الشخصيات السياسية، التي نظمت عدة ملتقيات لتسويق مقترح لحل سياسي يضمن نجاح الانتخابات، بتشكيل حكومة موحدة تشرف على عليها، غير أن المقترح لم يجد أي صدى لدى أطراف دولية فاعلة، باتت تدرك أن فتح هذا الباب يعني استمرار التعطيل، فتشكيل حكومة جديدة لن يكون يسيرا في ظل هذا التنافس المحموم، ومن ثم سيصعب الطريق إلى الانتخابات، لأن أي حكومة جديدة ستكون لن تختلف عن سابقاتها في انتهاز الفرصة والاستمرار إلى أقصى مدى ممكن.

السباق بين تحالف مجلس النواب والدولة وبين والمبعوث الأممي ومبادرته مايزال في بدايته، يسعى المجلسان إلى استمرار هيمنتهما على ملف الانتخابات، وسد أي فجوة يمكن أن تتسرب منها أطراف أخرى، لذلك بادرا إلى التعجيل بتقديم التعديل الدستوري، ويعملان الآن على انجاز قوانين الانتخابات عبر لجنة مشتركة، لاجهاض خطة باتيلي، و الغاء مسألة اللجنة التوجيهية العليا للانتخابات، فيما يواصل الأخير طريقه نحو تفعيل مبادرته بعدة لقاءات، مع أطراف محلية وإقليمية فاعلة. آخرها جمعه لقادة أجهزة وتشكيلات أمنية مع اللجنة العسكرية، لبحث الخطط الأمنية لتأمين الانتخابات.

في كل الأحوال سيكون من العسير على المجلسين تمرير رؤيتهما كاملة، فالتوافق حول التعديل الدستوري رقم 13 لم يتحقق في مجلس الدولة، وقد لا يلتحق مجلس الدولة باللجنة المشتركة الخاصة بقوانين الانتخابات، لوجود كتلة كبيرة معترضة علي قبول التعديل الدستوري، وحتى إذا تمت المشاركة في أعمال اللجنة قد لا يقع التوافق على القضايا الخلافية، لذلك لا يمكن وأد خطة باتيلي التي ستبدأ من حيث ينتهي المجلسين، وحتى ما قبله المجتمع الدولي منهما، واعتبره تقدم يمكن البناء عليه، يحتمل أن تقوم اللجنة التوجيهية بإخضاعه للحذف والاضافة والتعديل، فالبند الذي يلغي العملية الانتخابية برمتها في التعديل الدستوري الثالث عشر، إذا فشلت الانتخابات الرئاسية، لا يمكن القبول به، لأن إلغاء الانتخابات، واستمرار الكيانات الحالية من شأنه أن يحطم الآمال في التغيير، وقد يدفع إلى عودة الصراع المسلح.

زيارات المسؤولين الأمريكيين لا تتوقف، فالانتخابات هدف مرحلي يقود إلى تحجيم النفوذ الروسي في ليبيا بالنسبة للإدارة الأمريكية، وإزاء هذا الاصرار، مع تقديم الدعم الكامل لمبادرة المبعوث الأممي، سيكون من الصعب على مجلسي النواب والدولة الحفاظ على مفاتيح الحل السياسي بأيديهما، ومن ثم سينتهي السباق بإسناد إكمال الطريق نحو الانتخابات للجنة التوجيهية العليا، وبإشراف مباشر من البعثة الأممية.

 

(المقالات المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل عن رأي صاحبها)