هآرتس الصهيونية تنشر مقالاً ينتقد إسقاط إسرائيل الطائرة الليبية قبل 50عامًا
محاضر مجلس الوزراء التي رفعت عنها السرية مؤخرًا أظهرت كيف رفضت إسرائيل إجراء تحقيق، بذريعة أنها لم تخطئ بسبب دخول الطائرة المجال الجوى
ذكر مقال نشرته هآرتس الإسرائيلية أن القوات الجوية الإسرائيلية قتلت قبل 50 عامًا 108 أشخاص عندما أسقطت طائرة ركاب ليبية حلقت عن طريق الخطأ فوق قاعدة للجيش الإسرائيلي، وأن الحكومة الإسرائيلية آنذاك رفضت تحمل المسؤولية.
وقال كاتب المقال المؤرخ والكاتب الإسرائيلي يعقوب لوزويك أن محاضر مجلس الوزراء التي رفعت عنها السرية مؤخرًا أظهرت كيف رفضت إسرائيل إجراء تحقيق، بذريعة أنها لم تخطئ بسبب دخول الطائرة المجال الجوى لشبه جزيرة سيناء التي كانت وقتها تحت الاحتلال الإسرائيلي، مشيرًا إلى الطيار (فرنسي الجنسية) ضل الطريق، في رحلة بين القاهرة وبنغازي، بسبب عواصف الغبار فوق شبه جزيرة سيناء، فبعد سلسلة من الأخطاء الملاحية، حلق فوق قاعدة جوية إسرائيلية في رفيدم بجنوب إسرائيل وشرق قناة السويس، ثم ظهرت طائرتان حربيتان إسرائيليتان اقتربتا من الطائرة؛ مما زاد من ارتباكه، وأشارتا إلى شيء لم يفهمه الطيار، ليطلق بعددها الطياران النار عليه
وبيّن المقال كيف رفضت إسرائيل إجراء تحقيق وغطت نفسها باعتقادها الذاتي أنها لم تخطئ، حيث بررت وقتها رئيسة الوزراء الإسرائيلية آنذاك "جولدا مائير" ووزير الدفاع "موشيه ديان" ورئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي ديفيد إلعازار" بأن اللوم يقع على عاتق قائد الطائرة الليبية، "الذي لم يطع تعليمات طائرات سلاح الجو الإسرائيلي، ورفض الانصياع".
وأضاف المقال أن التسجيلات من الصناديق السوداء للطائرة الليبية وثقت الحيرة والضغط النفسي وسوء الفهم، ثم أطلقت الطائرات الإسرائيلية النار وتحطمت الطائرة الليبية، ومن بين 113 راكبًا وطاقم كانوا على متنها، قتل 108، جميعهم من المدنيين الأبرياء بينما نجى خمسة فقط من ركابها.
وانتقد لوزويك في مقاله موقف قادة الحكومة الإسرائيلية، قائلًا لو ضحوا بمناصبهم في 21 فبراير 1973، وبدأ خلفاؤهم العمل في مناصبهم الجديدة مع خوفهم من المسؤولية، ربما كانت حرب أكتوبر التي اندلعت بعد 8 أشهر بسبب غطرسة هؤلاء القادة، قد تم تفاديها.
وأضاف أنه في مساء ذلك اليوم، فقد إلى الأبد الشعور بأن قادة إسرائيل يعرفون ما يفعلونه وأنهم تصرفوا بشكل صحيح، وأن القادة والمعلمين والحاخامات ووسائل الإعلام والأصدقاء، لم ير أي منهم تقريبًا أي مشكلة أخلاقية في قتل الأبرياء.
وكانت طائرة الخطوط الجوية العربية الليبية الرحلة 114 من طراز بوينغ 727-244، قد أقلعت في العاشرة من صباح يوم 21 فبراير في رحلة من مطار طرابلس العالمي متوجهة إلى مطار القاهرة الدولي، وتوقفت لفترة في مطار بنينة الدولي لتغادر وعلى متنها 113 شخصًا 104 راكب و9 من أفراد الطاقم بقيادة القبطان "جاك بورجييه" وطاقم يحملون الجنسية الفرنسية، وأثناء تحليق الطائرة على ارتفاع عال فوق الأجواء المصرية تعرضت لعاصفة رملية شديدة، وبعد وقت قصير اكتشف قبطان الطائرة أنه قد ارتكب خطأ ملاحيًا، حيث اكتشف وجود عطل في بوصلة الطائرة، ولم يتمكن بالتالي من الاستدلال على المسار السليم للرحلة، بالإضافة لذلك تم فقد المرشد اللاسلكي لخطها الجوى، ولم يتمكن الطاقم من تحديد موقعه، وبحلول الساعة 13:52 تلقت الطائرة إشارة من برج المراقبة بمطار القاهرة تعطي القائد المعلومات الخاصة بتصحيح مساره وتحذره من إمكانية أن تكون الطائرة محلقة فوق صحراء سيناء المحتلة آنذاك.
إلا أن الرياح القوية وعطل البوصلة تسببتا في نزوح الطائرة لتطير فوق قناة السويس، في ذلك الوقت كانت مصر وإسرائيل في حالة حرب بسبب احتلال إسرائيل لشبه جزيرة سيناء خلال نكسة 1967، وكانت الهجمات المتبادلة معلقة بسبب اتفاق هدنة لوقف إطلاق النار، وبعد مرور دقيقتين فقط دخلت الطائرة الليبية المجال الجوي لسيناء محلقة على ارتفاع 20 ألف قدم، وفي الساعة 13:59 قامت مقاتلتان تابعتان للقوات الجوية الإسرائيلية باعتراض الطائرة الليبية بغرض التحقق من هويتها، وحسب الرواية الإسرائيلية؛ أشار أحد طياري الطائرة الحربية لطاقم الطائرة المدنية بعد مشاهدتهما عينًا بعين بأن تتبع الطائرة الليبية طائرة من الطائرتين الإسرائيليتين باتجاه قاعدة ريفيديم الجوية الإسرائيلية، لكن طاقم الطائرة رفض الأمر وتابع الطيران في مساره.
وأطلقت بعد ذلك إحدى المقاتلتين صاروخًا باتجاه الطائرة الليبية، مما أسفر عن عطب بجناحها وتعطل الأنظمة الهيدروليكية بالطائرة، وحاول قائد الطائرة بعد ذلك الخروج من المجال الجوي لسيناء والعودة إلى المجال الجوي المصري، ولكن الطائرة تضررت بصورة بالغة تجعل من العودة لمصر أمراً شبه مستحيل، واضطر قائد الطائرة إلى اتخاذ قرار بالهبوط الاضطراري في منطقة مليئة بالكثبان الرملية في صحراء سيناء لتتحطم بعدها الطائرة.
وفي بداية الأمر أنكرت الحكومة الإسرائيلية مسؤوليتها عن الكارثة، لكنها اعترفت في 24 فبراير عندما تم العثور على الصندوق الأسود للطائرة، بأن إسقاط الطائرة تم "بتفويض شخصي" من رئيس الأركان الإسرائيلي وقتها "دافيد إلعازار".
وكان من ركاب الطائرة وزير الخارجية الليبية السابق صالح بويصير ومذيعة التلفزيون المصرية الشهيرة سلوى حجازي، كما أن جميع الركاب كانوا من المدنيين، ومعظم الضحايا كانوا من مدينة بنغازي حيث أقيمت جنازة ضخمة للضحايا.