"تقصي الحقائق" تُعدّ قائمة بالمسؤولين عن الانتهاكات في ليبيا

"تقصي الحقائق" تُعدّ قائمة بالمسؤولين عن الانتهاكات في ليبيا

مارس 28, 2023 - 05:06
القسم:

أوجار أكد أنّ "الجماعات المسلحة كقوات حفتر وجهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وجهاز دعم الاستقرار وقياداتها متورطون مرارًا وتكرارًا في الانتهاكات والتجاوزات"

قالت بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في ليبيا إنّ "هناك أسباب معقولة للاعتقاد بأن جرائم ضد الإنسانية قد ارتُكبت بحق الليبيين والمهاجرين غير النظاميين في جميع أنحاء ليبيا منذ العام 2016.

وحذّرت البعثة من "تغلغل الجماعات المسلحة في هياكل الدولة، واستمرار الإفلات من العقاب، فضلًا عن توثيق تورط أفراد ومسؤولين من الأجهزة الأمنية والعسكرية والمجموعات المُنضوية تحتها على جميع مستويات تسلسلها الهرمي في تلك التجاوزات والانتهاكات".

وأوضح رئيس البعثة محمد أوجار خلال مؤتمر صحفي في جنيف الاثنين، إنهم "أعدوا قائمة بالأفراد الذين يُزعم مسؤوليتهم عن الانتهاكات والتجاوزات الموثَّقة، وسيتم إيداعها لدى مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان كجزء من الأدلة".

وعن منهجية تقصي الحقائق، أشار أوجار إلى أن البعثة "طبقت معيار وجود أسباب معقولة للاعتقاد في الإثبات عند اتخاذ قرارات بشأن الحالات"، كما لجأت البعثة إلى أعلى معايير الإثبات على أساس توازن الاحتمالات أثناء وضع قائمة الأفراد الذين يُزعم أنهم مسؤولون عنها".

وتابع أن البعثة "أجرت منذ إنشائها أكثر من 400 مقابلة، معظمها مع الشهود والضحايا، وجمعت كذلك أكثر من 2800 عنصر منفصل من المعلومات، كما نفذت 13 مهمة ميدانية، أُجريت ثلاث منها خلال فترة تمديد الولاية الأخيرة".

ولفت أوجار إلى أن البعثة ذهبت إلى طرابلس في ست مناسبات منفصلة وإلى بنغازي في مناسبة واحدة، وسافر المحققون أيضًا إلى إيطاليا، ورواندا، ومالطا، وهولندا، وبلدان أخرى.

وقال إن "قوات حفتر والقوات التابعة لحكومة الوحدة الوطنية رفضتا السماح للبعثة بالوصول إلى الجنوب، وتحديدًا إلى سبها، وتعذروا بالمخاوف الأمنية" لافتًا إلى أن البعثة "قدمت عدة طلبات إلى المجلس الرئاسي والوزارات المعنية لزيارة عدد من السجون ولم تتلقَ أي ردود رسمية حتى الآن".

وعبّر رئيس بعثة تقصي الحقائق عن قلقه إزاء القوانين والقرارات التي قد تؤدي إلى تفاقم القيود المفروضة أساسًا على الفضاء المدني والإنترنت وغيرها، وأشار إلى أنّ البعثة عززت تقريرها بدلائل أثبتت "ارتكاب السلطات الليبية والأجهزة الأمنية والكيانات التابعة عديد الجرائم ضد الإنسانية، منها ما يرتقي لجرائم حرب".

وأضاف أن البعثة "سجّلت أسبابًا معقولة بشأن تعرض المحتجزين والمهاجرين في مراكز احتجاز رسمية أو غير رسمية للتعذيب المنهجي، والاستعباد الجنسي والاغتصاب"، كما وجدت البعثة أن "الجرائم ضدّ الإنسانية ارتُكبت بحق المهاجرين في أماكن الاحتجاز الواقعة تحت السيطرة الفعلية أو الإسمية لجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية وخفر السواحل الليبية وجهاز دعم الاستقرار، وقد تلقت هذه الكيانات دعمًا تقنيًّا ولوجستيًّا من الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه من أجل اعتراض سبل المهاجرين".

وبيّن رئيس بعثة تقصي الحقائق أن الانتهاكات التي وثقتها البعثة "ترتبط بتعزيز الثروة لدى المليشيات والجماعات التابعة للدولة من خلال اختلاس الأموال العامة على سبل المثال"، معتبرًا أن "الإيرادات الكبيرة الناشئة عن الاستغلال الواسع للمهاجرين شكلت دافعًا لاستمرار الانتهاكات الموثقة، وأن الطابع المستمر والواسع النطاق للجرائم التي وثقتها البعثة يشير بشكل قاطع إلى تورط أفراد ومسؤولين من الأجهزة الأمنية والعسكرية والمجموعات المنضوية تحتها على جميع مستويات تسلسلها الهرمي".

وأكد أوجار في معرض تقديم التقرير الأخير للبعثة، أن "التسلل السريع والعميق والمستمر للجماعات المسلحة وقياداتها في هياكل الدولة ومؤسساتها، بما في ذلك قوات حفتر، وانتشار الأيديولوجيات المحافظة السلفية، يشكل مصدر قلق كبير للبعثة التي وجدت أن سلطات الدولة والكيانات التابعة لها، قد شاركت مرارًا وتكرارًا في الانتهاكات والتجاوزات التي نشأت في سياق الاحتجاز".

وأشار إلى أن البعثة "حققت في العنف الجنسي والجنساني والانتهاكات والاعتداءات ضد النشطاء والصحفيين والمرأة، لانتزاع اعترافات، وأولت اهتمامًا خاصًا للاعتداءات على العاملين في مجال القانون والتحديات المتعلقة بسيادة القانون، والانتهاكات التي تطال الحق في التجمع وتكوين الجمعيات والتعبير وحرية المُعتقد، الانتهاكات في سياق الحرمان من الحرية، والاختفاء القسري، والمهاجرين".

كما أكد أوجار أن "الجماعات المسلحة كقوات حفتر وجهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وجهاز دعم الاستقرار وقياداتها متورطون مرارًا وتكرارًا في الانتهاكات والتجاوزات".

وقدمت بعثة تقصي الحقائق في تقريرها الأخير مجموعة واسعة من التوصيات إلى السلطات الليبية أبرزها، التحقيق مع الأفراد الذين يُزعم ارتكابهم الانتهاكات والتجاوزات ونزع السلاح غير الشرعي، والتأهيل وإعادة الإدماج لإنشاء قوات مسلحة موحدة، ووقف جميع المحاكمات العسكرية للمدنيين، ووقف جميع الأحكام الصادرة عن المحاكم العسكرية ضد المدنيين، وتنظيم دخول وإقامة المهاجرين غير النظاميين وفق المعايير الدولية، والإفراج الفوري عن المهاجرين المحتجزين تعسفيًا وإغلاق السجون السرية، والإفراج الفوري عن المعتقلين تعسفيًا.

كما تضمّن التقرير توصيات إلى الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان والمجتمع الدولي، أبرزها حثّ مجلس حقوق الإنسان على إنشاء آلية تحقيق دولية مستقلة، ودعوة مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إلى إنشاء آلية منفصلة ومستقلة بولاية مستمرة من أجل رصد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في ليبيا والإبلاغ عنها.