هل بدأ باتيلي في تفعيل البدائل؟ 

هل بدأ باتيلي في تفعيل البدائل؟ 

مارس 29, 2023 - 15:08

 اجتماع قيادات وشخصيات أمنية وعسكرية من شرق البلاد وغربها في طرابلس، برعاية المبعوث الأممي، يعد تطورا لافتا في الأزمة الليبية، بعد نحو أسبوعين من اجتماع سابق في تونس. شاركت لجنة 5+5 العسكرية في الاجتماعين وهو ما سيجعلها ركيزة أساسية في أي تقارب على المستوى الأمني والعسكري بين معسكري الشرق والغرب. 

ليس خافيا أن زيارات مسؤولين أمريكان مؤخرا، آخرهم مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى بربارا ليف، هي المحرك لكل التطورات السياسية الجارية الآن، فوصول شخصيات مقربة من حفتر إلى طرابلس، للمشاركة مع نظرائهم في غرب البلاد، في بحث تأمين الانتخابات، بقوة مشتركة تجمع قوات من كل أنحاء البلاد، ما كان ليسمح به حفتر في ظروف اعتيادية، ومن دون ضغط أمريكي، لكن الملف الليبي بات من الأولويات الأمريكية، كنتيجة طبيعية لتطورات الحرب في أوكرانيا.

رغم أن ما سيتحقق سيكون محدودا، أو شكليا في أفضل الأحوال، ولا يتوقع أن نرى نتائج عميقة على الأرض لهذه الاجتماعات، فالحصيلة النهائية لن تتعدى ما حققته اللجنة العسكرية 5+5 حتى الآن، فتشكيل قوة مشتركة لتأمين الجنوب، وإبعاد أو تحجيم نفوذ المليشيات المسيطرة عليه الآن، يعني خسارة حفتر مواقع حيوية تدر علي مليشياته المال، كمعابر التهريب، ومحطات الوقود، وكذلك حقول النفط التي كان يبتز بها سلطات طرابلس، فهل سيسمح حفتر لقوة من الغرب، كانت حتى الأمس القريب تناصبه العداء، وحطمت أحلامه في اقتحام العاصمة، مشاركته في تأمين الجنوب، وبالتالي اضعاف نفوذه وسيطرته؟ 

بعض الأنباء تشير إلى قبول حفتر تشكيل هذه القوة لتأمين الانتخابات فقط، أي لاشأن لها بالجنوب، ولكن إذا استمر الضغط الأمريكي، وتم تشكيلها، لا ضمانات بعدم توجيهها إلى الجنوب لمواجهة مجموعات فاغنر، وهذا ينبغي أن يثير قلق حفتر، فمع استمرار الحرب في أوكرانيا، سيبقى ملف النفوذ الروسي في ليبيا عبر مجموعات فاغنر، على قائمة الأولويات الأمريكية، وتلويح لجنة تقصي الحقائق بإحالة قائمة بأسماء منتهكي حقوق الانسان، ومرتكبي جرائم حرب في ليبيا، إلى الجنائية الدولية، يعني أن مساحات شاسعة من القلق، تختبئ بين طيات الأسابيع والشهور المقبلة، منتظرة حفتر وبعض أبناءه وقادة مليشياته. 

من دون شك فإن التواصل على هذا المستوى، كسر حاجزا سميكا بين قطبين كانا بالأمس على خط المواجهة المسلحة، وستكون له انعكاسات مباشرة على الأطراف السياسية الفاعلة في مجلسي النواب والدولة، فبوادر الاستعداد لتأمين الانتخابات بقوة مشتركة، تتبع رئاستي الأركان، يسقط حجة عدم إمكانية إجراء الانتخابات بسبب الانقسام الأمني. وهي حجة يدفع بها أعضاء ونواب في المجلسين، كما أن إشراف البعثة على الاجتماع يعطيه بعدا دوليا داعما، فالاحساس المتنامي في المجلسين بعد هذا الاجتماع هو أن البعثة تسحب البساط من تحتهما بهدوء، وأن باتيلي ربما بدأ  في تحريك بدائله، بعدما أعلن عنها أكثر من مرة، مرفوقة في كل مرة بانتقادات شديدة لمجلسي النواب والدولة، لأن القيادات الأمنية والعسكرية، قد تدعم توجه المبعوث الأممي نحو تشكيل اللجنة التوجيهية العليا، التي أعلن عنها في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن، خاصة إذا ضمنت هذه القيادات حصة مناسبة لها من مقاعد اللجنة، وهذا سيزيد من ضعف المجلسين، ويكتب نهاية هيمنتهما على إدارة الحل السياسي الليبي.

(المقالات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل عن رأي كاتبها)