زحار الفارغين!
بقلم الكاتب| أسامة المبروك صالح
كَنَاطِحٍ صَخرَةً يَوْماً ليوهنها
فَلَمْ يَضِرْها وَأوْهَى قَرْنَهُ الوَعِلُ
في تسجيل مليءٌ بالزَّحير《1》 يخرجُ علينا أحد دعاة ((تنظيم المداخلة))، يصيحُ ويشجب! بصوتٍ يصمُّ الآذان، ويصيب بالغثيان! وذلك لما ألمَّ به من ألمٍ بسبب صوت الحق الصادح من قناة التناصح الفضائية.
لا يفترُ دعاة ((تنظيم المداخلة)) عن الخروج علينا في ((محاضرات= مهاترات)) بعنوانين فخمة!! تحملُ مفاهيم ضحلة! مع الكثير من التكلف والزَّحير! والسب والشتائم! والقدح والتجريح! وكل ذلك يلصق باسم ((منهج السلف))!
فعنوان المحاضرة ذلك المدخلي المتزحر! (فقه مواجهة الباطل.. وبيان طريقة العلماء الراسخين)!!
فلا ندري أيُّ فقهٍ في السِّباب والشتام وكيل التهم ونشر الأراجيف!
ومتى كان العالم الراسخ! يزحر بصوته! ويفجر بلسانه! ويتزلف بجنانه!
علاوةً على ما في المُسمَّاة بـــ(المحاضرة)! من تشكيك عامة المسلمين في دينهم! وشغلهم عمَّا ينفعهم!
في حين كان الواجب استغلال بيوت الله تعالى فيما بُنتْ له، من نشر العلم النافع، وجمع كلمة المسلمين، وإظهار الرفق واللين، وحسن الخلق بين المسلمين! لا نشر الفرقة والشحناء، والطعن في علماء البلد، والتقليل من شأنهم، وكيل التهم والسباب دون بينة ولا دليل، وكل ذلك بمباركة رئيس الهيئة العامة للأوقاف، من خلال نشره تلكم المحاضرة (=المهاترة) في صفحة لجهة رسمية تمثل الدولة الليبية، والتي المفترض فيها أن تكون واجهة لنشر العلم، والأدب، وإظهار سماحة الدين، واحترام العلماء وأهل البلاد وعاداتهم وتقليدهم وهويتهم الليبية!
ولا ينتهي عجبك! حينما ترى صفحة هيئة الأوقاف والشؤون الإسلامية لا تُفّوتُ نعي أيً من مشايخ دولة السعودية! في مقابل السكوت على وفاة ونعي علماء ليبيا رحمهم الله جميعاً، لا! بل تنشر ردود وطعن في علمِ وخِلْقةِ علماء ليبيا! وكل ذلك تسميه (دين، وعقيدة، ومنهج السلف!!)
ويمكن أخي القارئ أن تسأل نفسك! حينما ينشأ جيلٌ من الشباب لا يسمعون من هيئة دينية إلا سباب العلماء، والطعن، فيهم؟! ومحاربة القنوات الفضائية التي تنشر الفضيلة! كيف سينشأ ذلك الجيل؟!
إمَّا متنكب لدينه رأساً، وإمَّا خسَّاف جزار في أهل العلم! متكبراً عربيداً!
والواقع الأليم اليوم يُنبئك بذلك!
((التنظيم المدخلي)) لا يتورع في وصف مخالفيه بـــ "المجموعة المارقة، والإجرام! والإرهاب،《2》 والتطرف! ولا يَقبلُ (التنظيمُ) أيَّ رأيٍ وفكرٍ من المكونات الثقافية للشعب الليبي، مادام مخالفاً لفكره.
والكل يعلمُ أنَّ الشعب الليبي كافةً -قبل أن يُبتلى بهذه الطائفة-، يعيش في وئامٍ وائتلافٍ وانسجامٍ اجتماعيٍّ سلميٍّ، وما تفرَّق وتمزق! إلا حينما اعتلاء هذا التنظيم المنابرَ، واستولى على هيئة الأوقاف، وناصرَ (بل وقاتل) مع مجرم الحرب حفتر! أُسوةً بالفاغنر والجنجاويد، ثمَّ هجَّر الليبيين من أرضهم، واستباح بفتاويه بيوتهم وأملاكهم! فطفق يقطع النسيج الاجتماعي، ويفكك الروابط الأسرية الواحدة! ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!
((التنظيم المدخلي)) يسعى حثيثاً (وبدون مقابل) لتنفيذ أجندات ومؤامرات حيكت في أروقة المخابرات الخارجية! وما قتلُ الشيخ نادر العمراني رحمه الله ومحفظي القرآن الكريم من المنطقة الشرقية عنَّا ببعيد!
فما يقدمه هذا التنظيم الإجرامي لأعداء الإسلام لضرب الدين وتشتيت المسلمين لا يقدر بثمن!
لا يبلغ الأعداء من جاهلٍ ** ما يبلغ الجاهل من نفسه
فماذا عسى الفتى والصبي الليبي الذي ينشأ ويترعرع في بيئة تسبُّ علمائها! بل يرى هيئة دينية رسمية لا همَّ عندها إلا إسقاط علماء البلاد! استجابةً لأوامر أولياء نعمتهم في بلادهم الأم!؟
ومن عجيب ((التنظيم المدخلي)) أنه يستنكر على قناة التناصح جمع الأموال من المساجد! لنصرة القضية الفلسطينية بله! إخواننا المسلمين البوسنة الهرسك!!! ( ).
والكلُّ ي7علمُ أنه ما انطلقتْ قناة التناصح إلا عام 2014م بينما قضية البوسنة الهرسك كانت في تسعينات القرن الماضي!! فأيُّ كذبٍ وفُجورٍ في الخصومة أكبر من هذا!!
ثم هل صار دعم قضايا المسلمين في بلاد فلسطين أو البوسنة أو غيرها من المناطق المسلمة المنكوبة- فهل صار هذا قدحاً وذمَّاً! فمن أين تأتي أدبيات هذا التنظيم الإجرامي!!!
وكيف سيلقى الله تعالى هذا المتجني على الأمة! الساعي لتفتيت جمعها وإضعافها!؟؟
وبعد ذلك يسمي محاضرته (فقه مواجهة الباطل.. وبيان طريقة العلماء الراسخين)
فأيُّ فقهٍ هذا؟! وأيُّ علمٍ راسخٍ عند ((مجدي حَفَالة))!؟
لِمَ يغيظ ((الفرقةَ المدخلية)) أيُّ كلامٍ أو دعمٍ أو نصرةٍ تقدم للمسلمين؟!
لِمَ لا نسمع في خطب ((الفرقةَ المدخلية)) ذكراً ونصرةً لقضايا الأمة، كقضية الصراع الفلسطيني مع اليهود المحتلين!!
ويزداد عجبك (=وتَشَكُّك في مصدر تلقي هذه الفرقة المارقة) حينما تراها تُعيبُ قناة التناصح الفضائية بأنها تتسامح وتتعايش مع كل الليبيين باختلاف أعراقهم، ومذاهبهم، وطرائقهم!
وما هذا في حقيقة الأمر إلا مدحٌ عند العقلاء! وذمٌ عند الدخلاء!!
فكون قناة التناصح لا تدعو إلى فرقة الليبيين، بل تسعى جاهدة للمِّ شمل الليبيين بكل مكوناتهم الثقافية والعرقية والفكرية، واختلاف وجهات النظر، والاجتهاد عندها لا يعني الصراع والاقتتال والاغتيال الفكري والبدني! كما هو مبرمج عند ((التنظيم المدخلي)) فيما خُطط له من وراء الحدود، ونُفَّذ داخل البلاد!
فما ذنب مؤسسة التناصح إذا كان الشعبُ الليبيُّ يبغضُ أفكار ((التنظيم المدخلي))، ويصرُّ على التمسك بهويته والالتفاف حول علماء بلده!
وما ذنب قناة التناصح إذا كان الشعبُ الليبيُّ يرى عوار ((التنظيم المدخلي)) وعَمَالته لغير مصالح ليبيا؟! عمالةً دون مقابل!!
وما ذنب قناة التناصح حينما يصرُّ الشعبُ الليبيُّ على التمسك بهويته وموروثه الثقافي ومذهبه المالكي السُّني المعتدل؟!
وكيف تريدون من الشعب الليبي الالتفاف حولكم وهم يرونكم لا تفتؤون ولا تفترون على ضرب النسيج الاجتماعي، وهدم الموروث الثقافي!، وتفكيك التركيبة والتناغم في الهوية الليبية.
《1》 الزَّحار: صوت النفس عند المَشَقَّة والتعب، زَحَرَ : أَخْرَجَ صوتَهُ أَو نَفَسُه بأَنين من عمل أَو شدَّةٍ!
《2》 وكل ذلك موثق ومنشور في صفحة هيئة الأوقاف الرسمية!