على النخب الوطنية سرعة التحرك

على النخب الوطنية سرعة التحرك

ديسمبر 31, 2023 - 21:29

بقلم الكاتب عبدالله الكبير 

الكاتب عبدالله الكبير

الطبقة السياسية والعسكرية المهيمنة لا تخطط لإنجاز تغيير ينتظره الناس، وتفرضه الضرورة لإنقاذ البلاد من واقع مخيف، ومستقبل أشد ظلاما، وكأن كل أطراف هذه الطبقة راضية بما حققته من سلطة ونفوذ في المعادلة السياسية، وبه اكتفت، ولا تطمح إلى المزيد. وبالتأكيد هي لا تشعر بالمخاطر التي تتهدد البلاد والعباد، أو هي مدركة لها ولكنها لا تعيرها ما تستحقه من اهتمام، لأن ما يعنيها هو خلاصها الشخصي بتأمين ثروة خارج البلاد تمكنها من العيش الرغيد في أي مكان بالعالم. 
لا يمكن إيقاف هذا الانحدار نحو المجهول من دون تجديد الشرعية عبر الانتخابات، ولأن هذه الانتخابات، إن جرت، ستطيح بأطراف هذه الطبقة وتنزع عنهم ما لديهم من سلطة ونفوذ، وقد تدفع ببعضهم إلى مواجهة العدالة، فهم يعملون ما بوسعهم لإجهاضها، وتمديد المرحلة الانتقالية إلى أجل غير مسمى.
 حتى المبادرة الأممية وخلفها الضغوط الأمريكية، لم تنجح في جلب أطراف السلطة الرئيسيين إلى منضدة التفاوض عبر مندوبين عنهم، ورغم أن المبعوث الأممي لم يرفع الراية البيضاء، ومازال يحاول تقريب وجهات النظر بين المدعوين، مؤملا الاستجابة في النهاية وانطلاق الحوار، إلا أن الأمل في التوصل إلى تسوية سياسية شاملة، ينتج عنها مسار شامل نحو سلطة تنفيذية موحدة، وطريق واضح بمواعيد مؤكدة نحو الانتخابات،
 السياق الإقليمي والدولي غير مهيأ لإجراء انتخابات، فالصراع بين القوي الكبري في أقصى مراحله، ولم يبق سوى المواجهات المباشرة المعلنة، والمبادرات التي تطلقها البعثات الأممية في دول النزاعات الداخلية تحتاج إلى الحد الأدنى، على أقل تقدير، من التوافق الدولي الإقليمي.
 و على المستوى الداخلي، يناقش مجلس الدولة فتح مسار المناصب السيادية مع مجلس النواب، فيما تتحرك كتل داخل مجلس النواب للإطاحة بعقيلة صالح رئيس المجلس، مدفوعة بالطرف العسكري المسيطر على شرق البلاد، ومادامت هذه توجهات السلطة التشريعية بجناحيها، فليس ثمة أي شك أنهم مطمئنون تماما إلى بقائهم واستمرارهم في مواقعهم، وأن رحيلهم عبر الانتخابات لن يتحقق في المستقبل المنظور. 
 لا تعويل إذا على الأطراف السياسية والعسكرية المستفيدة من الأزمة، والتى تتقاطع مصالحها مع القوى الخارجية، وستبقى البعثة عاجزة عن اجتراح أي حل في هذه المناخات المضطربة. ما السبيل إذا للخروج من هذا النفق الطويل للمرحلة الانتقالية؟
 السبيل الوحيد في تقديري هو نهوض الشعب وتفعيله كل الأدوات المتاحة، وهي ليست بالقليلة، فالحراك الشعبي عبر المظاهرات ذات الطابع الوطني لا الجهوي أو الفئوي، والاعتصامات والبيانات المطالبة بالإسراع في إجراء انتخابات نيابية، وكذلك مطالبة البعثة بتحمل مسؤولياتها، إزاء استمرار الطبقة السياسية في مماطلتها. بتجاوز المعرقلين الذين لا مصلحة لهم في التغيير، بإجراء الاستفتاء على مسودة الدستور، أو القاعدة الدستورية محل الخلاف، ويقع على عاتق النخب الوطنية تبني هذه الخيارات التي يمكن أن تساهم في إخراج البلاد من الأزمة، بطرح الخطط الملائمة لتحريك الشارع، ثم تتوجه لمخاطبة البعثة الأممية مسنودة بالحراك الشعبي المأمول، الذي سيكون هو العامل الحاسم في أي تغيير منشود.

 

(المقالات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل عن رأي كاتبها)