باحث أمريكي يحذّر من تنامي الوجود الروسي في ليبيا
مواجهة روسيا في ليبيا يتطلب الاستثمار بشكل أكبر في المشهد الداخلي المتجمد ولا يمكن ذلك إلا من خلال حكومة أكثر شرعية
حذر الباحث في معهد واشنطن "بن فيشمان" من أن السماح لروسيا بتعميق وجودها في ليبيا وأفريقيا يضر بالمصالح الأميركية.
وأوضح "فيشمان" في مقال نشره المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية أن مواجهة روسيا في ليبيا يتطلب الاستثمار بشكل أكبر في المشهد الداخلي المتجمد ولا يمكن ذلك إلا من خلال حكومة أكثر شرعية.
وأضاف "فيشمان" أن ليبيا لن تكون أبدًا على قائمة أجندة الولايات المتحدة لمنطقة الشرق الأوسط، ومع ذلك يمكن أن تدفع الولايات المتحدة بشكل كبير صوب إرساء الاستقرار في البلاد.
وأكد أن موسكو في طريقها لتحقيق جميع طموحاتها في ليبيا ما لم تبذل الولايات المتحدة وشركاؤها في حلف شمال الأطلسي "ناتو" جهودًا متضافرة لمواجهة الطموحات الروسية، وهو ما لم يحدث حتى الآن مع انشغال الولايات المتحدة بقضايا دولية أكثر إلحاحًا.
وأشار المقال إلى أن إرساء الاستقرار في ليبيا سيعود بفائدة كبيرة على جيرانها وعلى الإقليم بشكل عام من خلال الإدارة المناسبة للثروة النفطية، واستثمارات مليارات الدولارات من الأصول المجمدة في الخارج، وكذلك منع روسيا من التوسع عسكريًا في المنطقة.
وقال "فيشمان" إن السياسة الأميركية في ليبيا، اتسمت بثلاثة أنماط رئيسية، هي عدم كفاية الدعم المقدم إلى العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة لاستعادة الشرعية للقيادة السياسية في ليبيا، والتوجه الثاني كان التقدير المبالغ فيه لنفوذ خليفة حفتر، أما الثالث فكان غياب الانتباه للتوغل الروسي المتنامي في البلاد.
وتابع فيشمان أن أفضل ما يمكن لواشنطن فعله هو الضغط على الأطراف الأجنبية، أو مفسدي العملية السياسية، الذين يدعمون الأطراف الليبية المتنافسة للتوصل إلى توافق، وكان من الممكن أن تضغط الإدارة الأميركية على مصر والإمارات وتركيا وقطر وفرنسا وإيطاليا للضغط على الأطراف التابعة لها لقبول الاتفاق السياسي.
وأكد فيشمان أنه دون الدعم الكافي من البيت الأبيض أو وزير الخارجية الأميركي، فإنه من السهل على الدول السابق ذكرها تجاهل المبعوث الأممي إلى ليبيا.
واعتبر "فيشمان" أن الهجوم الذي شنه حفتر على العاصمة طرابلس بالعام 2019 كان النقطة الحاسمة التي تستدعي فرض عقوبات عليه بسبب تهديد السلام والاستقرار في ليبيا، لكنه أشار إلى أن الولايات المتحدة اختارت عدم فرض عقوبات.
وأضاف المقال أنه بعد اتفاق الهدنة الموقع في 2020، أنشأت الأمم المتحدة منتدى الحوار السياسي الليبي الذي انتخب رئيسًا وحكومة مؤقتة تتولى إدارة البلاد لحين عقد انتخابات في العام 2021، غير أن حفتر لعب من جديد دور المفسد.
وأشار المقال إلى أن القوات المركزية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) وثقت توغلاً متناميًا للمرتزقة الروس في ليبيا منذ العام 2018 ، وفي 2020، كشفت عن وصول طائرات مقاتلة وحاملة بضائع من سورية إلى قاعدة الجفرة العسكرية وقاعدة الكاظم في الشرق.
كما اعتمد حفتر على عناصر فاغنر لتأمين المنشآت النفطية الرئيسية، وتوسعت العلاقة بين الطرفين بنهاية العام 2019 وبداية العام 2020، حينما أسهمت القوات الروسية، ومزيج من الطائرات المسيَّرة صينية الصنع ووحدات الدفاع الجوي المحمولة، في عكس دفة الحرب على طرابلس.
وقال فيشمان إن المصالح الروسية في ليبيا واضحة فهي تسعى إلى تأمين الوصول إلى موانئ وقواعد جوية لمراقبة حلف شمال الأطلسي عبر البحر المتوسط، والوصول إلى حلفائها في منطقة الساحل، وهي في طريقها لتحقيق كل هذه الطموحات ما لم تبذل الولايات المتحدة وشركاؤها في حلف الناتو جهودًا متضافرة لمواجهة الطموحات الروسية.