العفو الدولية تستعرض جرائم الأمن الداخلي وتدعو لمحاسبته

العفو الدولية تستعرض جرائم الأمن الداخلي وتدعو لمحاسبته

سبتمبر 10, 2024 - 15:53
القسم:

قالت منظمة العفو الدولية، إن الإفلات المستحكم من العقاب على الوفيات في الحجز وغيرها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، التي ترتكبها الجماعات المسلحة تحت قيادة حفتر، مكّن جهاز الأمن الداخلي من تكثيف حملته القمعية ضد المنتقدين والمعارضين السياسيين في الأشهر الأخيرة، بمن فيهم سياسيون ونشطاء وشعراء ومدّونون.

ووفقًا للمنظمة، اعتقل عناصر جهاز الأمن الداخلي "المدججين بالسلاح عشرات الأشخاص منذ يناير الماضي، بمن فيهم نساء ورجال في العقد السابع من العمر، من منازلهم أو أحيائهم أو أماكن عامة أخرى في شرق وجنوب ليبيا الخاضعيْن لسيطرة حفتر.

وتعرّض بعض المعتقلين للاختفاء القسري لفترات تصل إلى 10 أشهر، ولم يمثُل أي منهم أمام المحاكم المدنية، أو يُسمح لهم بالطعن في قانونية احتجازهم، أو وُجّهت إليهم تهم رسمية بارتكاب أية جرائم.

وفي أبريل ويوليو الماضيين، توفي شخصان في الحجز في ظروف مريبة، بينما كانا في مركزيْ احتجاز يسيطر عليهما جهاز الأمن الداخلي في بنغازي وأجدابيا. ولم تُجرَ أي تحقيقات جنائية مستقلة ونزيهة في سبب وفاتهما، ولم يُحاسب أحد، وفقا لمنظمة العفو.

وقال بسام القنطار، الباحث المعني بالشأن الليبي في منظمة العفو الدولية: “إنَّ الارتفاع الحاد في الاعتقالات التعسفية والوفيات في الحجز في الأشهر الأخيرة يُبرز كيف مكّنت ثقافة الإفلات من العقاب السائدة الجماعات المسلحة من انتهاك حق المعتقلين في الحياة دون خوف من أي عواقب.

وتُضاف هذه الوفيات في الحجز إلى قائمة الفظائع التي يرتكبها جهاز الأمن الداخلي ضد أولئك الذين يجرؤون على التعبير عن آراء تنتقد القوات المسلحة العربية الليبية”، وفق القنطار.

وفي 13 يوليو الماضي، توفي أحمد عبد الزوي، 44 عامًا، أثناء احتجازه في مركز احتجاز تابع لجهاز الأمن الداخلي في أجدابيا شمال شرق ليبيا.

وكان قد قُبض على الزوي تعسفيًا في 10 يوليو أثناء زيارته لمركز الاحتجاز لرؤية شقيقه عبد ربه الزوي، الذي كان قد اعتقل بسبب انتقاده لجهاز الأمن الداخلي.

ونقلا عن مصادر مطلعة، قالت منظمة العفو إن جهاز الأمن الداخلي ادّعى بأن أحمد الزوي شنق نفسه، لكن الشهود أفادوا بأنهم رأوا كدمة على مؤخرة رأسه يبدو أنها ناتجة عن تلقي ضربة قوية.

وظهر الشيخ السنوسي الحليق الزوي، نائب رئيس المجلس الأعلى لأعيان وقبائل ليبيا وشيخ قبيلة الضحية، في فيديو في 16 يوليو وهو يقول متحسرًا: “دخل ابننا (أحمد) على قدميه وأعيد إلينا جثة هامدة”.

وبعد أقل من 24 ساعة، ظهر في فيديو آخر يشيد فيه بجهاز الأمن الداخلي، ويشير إلى أنه تم تشكيل لجنة للتحقيق في وفاة أحمد الزوي.

وتشتبه منظمة العفو الدولية في أن الشيخ السنوسي الحليق الزوي قد تعرّض لضغوط لتبرئة جهاز الأمن الداخلي علنًا، وهو ما يتسق مع نمط موثق سابقًا من تهديد جهاز الأمن الداخلي للناجين وعائلات الضحايا إذا تجرأوا على التحدث ضد عناصره.

كما توفي سراج دغمان، المحلل السياسي أثناء احتجازه لدى جهاز الأمن الداخلي في 19 أبريل 2024. ولم تستجب مليشيات حفتر أبدًا لدعوات أعضاء المجتمع الدولي والمجتمع المدني الليبي لفتح تحقيق في ظروف وفاته.

وادّعى جهاز الأمن الداخلي في 20 أبريل أن سراج دغمان سقط أثناء محاولة هروب، ولم يسمحوا لأسرته برؤية جثمانه، ولم يتم مشاركة تقرير تشريح الجثة.

وعلمت منظمة العفو الدولية أن شهادة وفاته تشير إلى أن سبب الوفاة كان "السقوط من مكان مرتفع”.

وفي 1 أكتوبر 2023، اعتقل جهاز الأمن الداخلي سراج دغمان مع فتحي البعجة، رئيس المكتب السياسي لحزب ليبيا للجميع والعضو السابق في المجلس الوطني الانتقالي لعام 2011، بالإضافة إلى ناشط سياسي آخر، متهمًا إياهم بالتخطيط للإطاحة بحفتر.

وجرت هذه الاعتقالات بعد أن عقد مركز ليبيا للدراسات الاستراتيجية والمستقبلية برئاسة سراج دغمان اجتماعًا داخليًا لمناقشة الانهيار الكارثي لسد درنة.

وفي وقت لاحق من ذات الشهر، اعتقل جهاز الأمن الداخلي ناشطين سياسيين اثنين بزعم أنهما ينتميان إلى نفس المجموعة التي ينتمي إليها سراج دغمان.

وأُفرج عن الناجين الأربعة في 25 أغسطس الماضي بعد أكثر من 10 أشهر من الاحتجاز التعسفي دون تهمة أو محاكمة.

كما اعتقل جهاز الأمن الداخلي الناشطة والمدونة المحتجزة تعسفيًا مريم منصور الورفلي، المعروفة باسم“نخلة فزان”، في 13 يناير 2024 في سبها.

وجاء اعتقالها بعد وقت قصير من توجيهها انتقادات على فيسبوك لإشراف مليشيات حفتر على توزيع غاز الطهي في جنوب ليبيا.

وكانت مريم الورفلي، من المنتقدين البارزين لفساد السلطات في جنوب ليبيا وسوء إدارتها على مدى سنوات، ووفقًا لأحد أفراد أسرتها، حُرمت مريم من أي زيارات عائلية منذ اعتقالها في مقر جهاز الأمن الداخلي في بنغازي.

وفي 2 مايو الماضي، أحالت سلطات السجن مريم إلى طبيب نفسي، حيث طلب نقلها إلى مستشفى بنغازي، لكنها بقيت هناك لبضعة أيام فقط قبل إعادتها إلى السجن.

كما اعتقل عناصر جهاز الأمن الداخلي تعسفيًا الشيخ علي مصباح أبو سبيحة، 77 عامًا، رئيس المجلس الأعلى لقبائل ومدن فزان وشخصية سياسية ناقدة للقوات المسلحة العربية الليبية، في 19 أبريل في سبها، ومنعوه من الاتصال بعائلته أو محاميه.

وأبلغ أبوسبيحة منظمة العفو الدولية أنه لا يزال يتلقى الرعاية الطبية بعد إطلاق سراحه في 20 يونيو، وأنه فرّ من منزله بعد ثلاثة أيام من إطلاق سراحه بسبب تهديدات من مليشيات حفتر.

كما أخضعت جماعات مسلحة متحالفة مع مليشيات حفتر الشيخ الصوفي مفتاح الأمين البيجو، البالغ من العمر 78 عامًا، للاختفاء القسري منذ 4 فبراير بعد أن اعتقله نحو 20 رجلًا مسلحًا من منزله في بنغازي.

ووفقًا لأحد أفراد الأسرة، فقد استُهدف فقط بسبب ممارسته لحقه في حرية الدين والمعتقد، وسط استهداف جهاز الأمن الداخلي للصوفيين الذين لا يعتنقون الفكر السلفي المدخلي الذي يتبناه جهاز الأمن الداخلي.

وكان قد سمع من مصادر غير رسمية أن صحة الشيخ البيجو المعتقل في سجن قرنادة، حيث يسيطر جهاز الأمن الداخلي على أحد أجنحته، آخذة في التدهور لأنه مصاب بمرض السكري المصاحب لضعف جهاز مناعته كونه أحد الناجين من مرض السرطان.

ولم يتمكن أقاربه من زيارته أو الحصول على تأكيد من أي جماعات مسلحة تابعة للقوات المسلحة العربية الليبية بشأن مكان احتجازه، وفقًا للعفو الدولية.