إنسايد: ليبيا بسبب موقعها الاستراتيجي من المنتظر أن تصبح بؤرة جديدة للتوترات الجيوسياسية
الجسر الجوي بين روسيا وليبيا خلال الأيام الأخيرة يكشف عن طموحات موسكو في البحر المتوسط ويشير إلى تحوّل في استراتيجيتها الجيوسياسي
سلّط موقع "إنسايد أوفر" الإيطالي الضوء على الجسر الجوي الذي أقامته روسيا مع ليبيا خلال الأيام الماضية حيث قال الكاتب جوزيبي غاليانو في التقرير إن المعلومات التي نشرها موقع "إيتاميل رادار" حول الجسر الجوي بين روسيا وليبيا خلال الأيام الأخيرة يكشف عن طموحات موسكو في البحر المتوسط ويشير إلى تحوّل في استراتيجيتها الجيوسياسية.
واعتبر الكاتب أن احتمال إنشاء موسكو قاعدة جوية وبحرية دائمة على سواحل ليبيا لا يثير مخاوف الدول الأوروبية المطلة على المتوسط فحسب، بل حلف الناتو أيضًا، إذ أن وجودًا روسيًّا مستقرًّا في ليبيا سيمثل تهديدا مباشرًا للأمن البحري والجوي في المتوسط، ويعزز قدرة روسيا على إرسال قواتها العسكرية إلى شمال أفريقيا ومنطقة الساحل، حسب تعبيره.
وأوضح الكاتب أن من أبرز المفارقات ضمن هذه الجهود الروسية، أن الجسر الجوي بين روسيا وليبيا يتم بالتعاون مع تركيا، العضو الوحيد في حلف الناتو الذي لم يُغلق مجاله الجوي أمام الطائرات الروسية.
وأضاف أن تركيا، رغم عضويتها في حلف شمال الأطلسي، تبنت مرارًا مواقف مستقلة، وتتعارض في أحيان كثيرة مع السياسة العامة للناتو، كما يتضح من خلال شرائها منظومة الدفاع الجوي الروسية "إس400".
وحسب رأيه، تلعب أنقرة دورًا غامضًا في ليبيا، حيث تدعم حكومة طرابلس ضد قوات حفتر، وتحافظ في الوقت ذاته على قنوات اتصال مفتوحة مع موسكو، وهذا الغموض يُعقّد مهمة حلف الناتو في الرد بطريقة متسقة على التحركات الروسية في المنطقة، ويزيد من مخاطر الانقسام داخل الحلف.
واعتبر الكاتب أن الجسر الجوي بين روسيا وليبيا والانسحاب من قاعدة حميميم يمثل تغييرًا في نهج موسكو الاستراتيجي، ويكشف أن موسكو تُعيد حاليًّا توزيع مواردها لتعزيز نفوذها في مناطق يوفر فيها الفراغ السياسي وعدم الاستقرار فرصًا استراتيجية، ومنها ليبيا التي تعيش حالة من الانقسام والتوتر السياسي.
ولفت الكاتب إلى أن العمليات الروسية في ليبيا تمثل إشارة أخرى إلى أن العالم يتجه نحو مزيد من التفتت والتعددية القطبية، حيث تُظهر روسيا رغم الصعوبات الاقتصادية والعسكرية الناتجة عن الحرب في أوكرانيا، قدرتها ورغبتها في تعزيز نفوذها خارج حدودها التقليدية.
وحسب رأيه، فإن ليبيا بسبب موقعها الاستراتيجي و وفرة موارد الطاقة لديها، من المنتظر أن تصبح بؤرة جديدة للتوترات الجيوسياسية.
ويتساءل الكاتب في الختام عن مدى قدرة حلف الناتو وأوروبا على تطوير استراتيجية فعالة لمواجهة التوسع الروسي في ظل الانقسامات والموقف المتراخي تجاه موسكو التي تواصل تحريك قطعها على رقعة الشطرنج المتوسطية، مُظهرة أن الفرص في السياسة الدولية غالبًا ما تنشأ في ظل الأزمات.