بداية جديدة للاستقرار أم صدام محتمل بين القوى الكبرى؟ 

بداية جديدة للاستقرار أم صدام محتمل بين القوى الكبرى؟ 

يناير 20, 2025 - 11:07

بقلم/عبدالله الكبير

الخلافات في مجلس الأمن حول شخصية المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا ماتزال مستمرة، المنصب شاغر منذ تقديم المبعوث السابق عبدالله باتيلي استقالته في إبريل الماضي، وتتولي إدارة شؤون البعثة بالإنابة الدبلوماسية الأمريكية ستيفاني خوري، ورغم تقديم الأمين العام للأمم المتحدة عدة أسماء، لم يقع التوافق حول أي منها كما يبدو، فالجلسة الاخيرة للمجلس حول ليبيا لم تقارب هذه المسألة، وخصصت لملفات تهريب النفط، والرفع الجزئي للحظر المفروض على توريد السلاح، والسماح للمؤسسة الليبية للاستثمار بإدارة بعض أصول ليبيا المجمدة، بشروط تم تفصيلها في القرار.

 قبل انعقاد جلسة مجلس الأمن، أعلن في ليبيا عن استقالة، وفي رواية أخرى إقالة فرحات بن قدارة رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، مع حديث متواتر عن عقوبات يمكن أن يوقعها مجلس الأمن على شخصيات مسؤولة في الدولة الليبية، متورطة في تهريب وبيع النفط خارج الإطار القانوني، بالمساعدة المباشرة أو غير المباشرة لهذا النشاط الإجرامي. 

 يقول قرار مجلس الأمن في الفقرة 18 تحت عنوان " منع صادرات النفط غير المشروعة، بما في ذلك النفط الخام والمنتجات النفطية المكررة" 

يدين (المجلس) محاولات أطراف، منها المؤسسات الموازية التي لا تتصرف تحت سلطة الحكومة الليبية، تصدير النفط بطرق غير مشروعة من ليبيا، ويقرر أن التدابير المحددة في في القرار 1970، بصيغتها المعدلة بالقرارات اللاحقة، تنطبق أيضا على الأفراد والكيانات الذين تقرر اللجنة أنهم قدموا الدعم لجماعات مسلحة أو شبكات إجرامية من خلال الاستغلال غير المشروع للنفط الخام أو النفط المكرر. 

 فهل يحاول رئيس مؤسسة النفط إنقاذ نفسه من أي عقوبات دولية، قد تقترحها لجنة الخبراء إذا ثبت لديها أن ماورد في قرار المجلس ينطبق عليه؟ 

 في الملف الثاني سمح مجلس الأمن بتوريد بعض الأسلحة غير الفتاكة، للاستخدام في الأغراض الأمنية والدفاعية، بشرط تطابقها مع معايير لجنة الخبراء و بعض الشروط الأخرى، في تخفيف جزئي لقرار حظر توريد السلاح، مع اعتراف المجلس وفقا لما ورد في القرار، أن بعض الدول الأعضاء تخرق هذا الحظر، وتمد الجماعات المسلحة في ليبيا بالسلاح. 

وفي الملف الثالث قرر المجلس السماح للمؤسسة الليبية للاستثمار بإدارة بعض الأصول المجمدة لكي لا تواصل استنزاف قيمتها، مع استمرار حالة التجميد للأصول وللفوائد وعدم السماح بسحبها أو التصرف فيها. 

 ماهي المتغيرات التي دفعت بعض الدول الكبرى إلى اتخاذ هذه الخطوة، رغم عدم وقوع أي تقدم في الأزمة الليبية، واستمرار حالة الانقسام، واخفاق كل المبادرات للتوصل إلى تسوية تضع البلاد على مشارف الانتخابات؟ 

التطورات المتسارعة دوليا وإقليميا هي الدافع وراء هذا التحرك الدولي عبر مجلس الامن، فمواجهة عمليات تهريب النفط بقرارات صارمة من مجلس الأمن، يعني تجفيف منابع الكيانات والشخصيات التي تستحوذ على جزء من العائدات، وتستغلها في تقوية نفوذها، وعرقلة أي مبادرة سياسية تقدمها وتشرف عليها البعثة الأممية في ليبيا، ورفع الحظر الجزئي يمكن تفسيره كتشجيع دولي على توحيد المؤسسات الأمنية، لمواجهة عصابات الجريمة المنظمة عبر الحدود، والتصدي للهجرة غير النظامية، وكذلك يمكن تفسيره ضمن مشروع غربي لمواجهة روسيا عسكريا بواسطة قوات محلية، سيتم تسليحها بعد هذا الرفع الجزئي لحظر توريد السلاح. 

 التركيز على الإصلاحات الاقتصادية بفتح ملف تهريب النفط، والسماح لمؤسسة الاستثمار بإدارة بعض الأصول الليبية المجمدة، سيوفر الدعم المالي لأي عملية عسكرية تستهدف الوجود الروسي في ليبيا. 

 لا يمكن تفسير هذه القرارات الجريئة المفاجئة رغم حالة الجمود السياسي، إلا من منظور التطورات المتسارعة في المنطقة، والتحول المتوقع في السياسة الأمريكية بقدوم الرئيس ترامب، فهل ستكون هذه القرارات بداية جديدة نحو الاستقرار، أم هي تهيئة لصدام محتمل بين أمريكا وحلفائها من جهة وروسيا من جهة أخرى؟

(المقالات المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل عن رأي صاحبها)