مخاوف مصرية متزايدة من احتمالية تعرض خليفة حفتر لهجوم في شرق ليبيا
توافق مصريّ تركيّ حول ضرورة تحقيق الاستقرار في ليبيا، مع اختلاف نسبي في وجهات النظر
أكدت مصادر خاصة، لـ"العربي الجديد"، أن المشاورات المصرية التركية التي جرت يوم الثلاثاء الماضي حول الملف الليبي تأتي في سياق مخاوف مصرية متزايدة من احتمالية تعرض ال خليفة حفتر لهجوم في شرق ليبيا بسبب سياساته الداخلية التي وصفتها المصادر بـ"الفاشلة".
وبحسب المصادر تشير المعلومات إلى أن زيارة "حفتر" الأخيرة إلى القاهرة ولقاءه بالرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" لم تكن تعبيرًا عن دعم مطلق له، وإنما جاءت في إطار توجيه رسائل واضحة بشأن ضرورة تصحيح مساره السياسي والعسكري.
ونقلت مصادر للصحيفة كلامًا مشابهًا أوصله وزير المخابرات المصرية اللواء "حسن رشاد"، إلى حفتر حين زاره في 29 ديسمبر الماضي، وطالبه بضرورة الحد من تجاوزات أبنائه والتخفيف من الضغوط التي يمارسونها على القبائل، إضافة إلى حل الخلافات الداخلية في قواته.
ويبدو أن هناك توافقًا مصريًّا تركيًّا حول ضرورة تحقيق الاستقرار في ليبيا، مع اختلاف نسبي في وجهات النظر حول آليات التعامل مع الأطراف الداخلية هناك.
ورغم التحالف التقليدي بين القاهرة وحفتر، إلا أن التطورات الأخيرة تشير إلى برود نسبي في هذا الدعم، خصوصًا في ظل الضغوط الدولية والإقليمية على حفتر لإعادة هيكلة نفوذه العسكري والسياسي.
ويُعتقد أن مصر تحاول تجنب التورط في صراعات داخلية قد تؤثر على استقرار حدودها الغربية، خاصة في ظل التقارير التي تتحدث عن توترات داخلية في معسكر حفتر، نتيجة الخلافات بين القيادات العسكرية وأبناء حفتر الذين يسيطرون على قراراته.
ويبدو أن التفاهمات المصرية التركية حول ليبيا تسير في اتجاه إيجابي، مع رغبة مشتركة في تحقيق استقرار يضمن مصالح الطرفين. وعن هذا الموضوع، أكد مدير المركز الليبي للدراسات السياسية "شريف عبد الله"، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن هذا التقارب يأتي ضمن تفاهمات أوسع تشمل ملفات إقليمية مهمة، مثل شرق المتوسط والغاز وتعيين الحدود البحرية، والتبادل التجاري بين البلدين.
وأضاف أن الملف الليبي يشكل جزءًا من هذه المصالح المشتركة، حيث تنظر تركيا إلى شرق ليبيا بأنها منطقة ذات بعد استراتيجي، بخلاف مصالحها الخدمية والمصلحية في الغرب، خاصة أن تعيين الحدود البحرية بين ليبيا وتركيا يتركز في منطقة درنة ذات الأهمية الجيوسياسية الكبرى.
وأوضح أن استقرار ليبيا يخدم المصالح الاقتصادية لمصر وتركيا، حيث أن هناك تبادلًا تجاريًّا كبيرًا بين البلدين وليبيا، كما أن غياب النزاع بين الشرق والغرب مهم جدًّا لمصر، لأنه يضمن استقرار عمقها الاستراتيجي داخل ليبيا ويحمي حدودها الغربية.
وحول موقف القاهرة من خليفة حفتر، أكد عبد الله أنه لا يزال ثابتًا رغم الخلافات الأخيرة التي لا تؤثر على طبيعة العلاقة الاستراتيجية بين مصر وحفتر، حيث إن القاهرة ترى فيه عنصرًا أساسيًّا في تأمين مصالحها في ليبيا.
وتناول عبد الله ملف الوجود الروسي في المنطقة الشرقية في ليبيا، مشيرًا إلى أن هذا العامل قد يكون دافعًا إضافيًّا للتقارب المصري التركي، خاصة مع توسع النفوذ الروسي في ليبيا وسيطرته على مواقع عسكرية تمتد من البحر المتوسط إلى الحدود الجنوبية مع تشاد والسودان والنيجر، وصولًا إلى قاعدة السارة الليبية القريبة من الحدود السودانية التشادية.
وأوضح أن هذا الوجود الروسي، والدعم المقدم لحفتر، قد يغيران موازين العلاقة بين حفتر ومصر، حيث قد يجد حفتر في روسيا حليفًا قويًّا بديلًا عن مصر.
كما اعتبر أن هذا الوضع يزيد من تعقيد الملف الليبي، حيث قد يؤدي إلى إعادة سيناريو المواجهة بين قوى متكافئة، كما حدث في سورية.