المبادرة الجديدة وحدود فاعليتها

المبادرة الجديدة وحدود فاعليتها

فبراير 08, 2025 - 22:25

بقلم الكاتب الصحفي عبدالله الكبير 

المتغيرات الإقليمية المتسارعة عجلت من التحرك الغربي نحو ليبيا مجددا، بعد سنوات من الانسداد السياسي وغياب أى رؤية دولية واضحة نحو تسوية الأزمة، فخلال أسابيع قليلة اتخذ مجلس الأمن عدة قرارات مهمة في ملفات تهريب النفط، ورفع الحظر بشكل جزئ على توريد السلاح، والسماح بإدارة جزء من الأصول المجمدة في المؤسسات المالية الدولية، بالتزامن مع صدور مذكرات اعتقال سرية من المحكمة الجنائية الدولية لشخصيات ليبية، توافرت للمحكمة شهادات وأدلة على ارتكابها لجرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وتوافق المجلس على تعيين السياسية والدبلوماسية الغانية تيتية مبعوثة أممية إلى ليبيا.

وشرعت البعثة الأممية برئاسة الدبلوماسية الأمريكية ستيفاني خوري في تنفيذ مبادراتها، بالإعلان عن أسماء أعضاء اللجنة القانونية الاستشارية، التي يفترض أن تنهي عملها خلال هذا الشهر، وتقدم للبعثة مقترحاتها في ملفي قوانين الانتخابات وتوحيد السلطة التنفيذية. 

تباينت ردود الفعل فور صدور قائمة أعضاء اللجنة بين مشكك ومتحفظ ومرحب، وهذا متوقع وطبيعي بسبب حالة الصراع، والحذر من فخ محتمل تنصبه القوى الكبرى للأطراف المحلية النافذة، يهدف إلى تهميش دورها وتجاوزها، والمضي في تتفيذ مخطط غربي لا تسمح تطورات الصراع مع روسيا بتأجيل أو إبطائه، خاصة مع تعزيزها لقدرتها العسكرية بنقل المزيد من الأسلحة، إلى القواعد التي تشغلها على الأراضي الليبية بعد سقوط حليفها في سوريا بشار الأسد. 

 قبل مباشرة اللجنة القانونية الاستشارية عملها نشرت الأمم المتحدة تقرير لجنة الخبراء، متضمنا كل الكوارث التي ارتكبتها الجهات والشخصيات الفاعلة في السلطة شرقا وغربا. الهدف من النشر هو إضعافها، لأنها ستكون في مرمى الغضب الشعبي، مع تهديد مبطن باحتمال فرض عقوبات، بعد كشف التقرير أسماء المتورطين في تهريب النفط والمخدرات والمهاجرين غير النظاميين، وهي جرائم دولية وليست محلية فقط، لأنها نفذت مع أطراف خارجية وتأثيرها يتجاوز حدود الدولة الليبية.

ستقدم اللجنة مقترحاتها بشأن تعديلات القوانين الانتخابية، وتشكيل حكومة موحدة، وما ينبغي عمله في المسار الأمني، ثم تقوم البعثة بإطلاق حوار وطني يضم طيفا واسعا من كل المكونات الاجتماعية، والاتجاهات السياسية، لمناقشة هذه المقترحات ودعمها قبل أن تعتمد من قبل السلطة التشريعية.

وكالعادة، ستعمل سلطات الأمر الواقع على إحباط الخطة الأممية، بنفس الوسائل التي لجأت إليها سابقا لتقويض أي مشروع يمكن أن يطيح بها أو ينزع منها صلاحياتها، فقد باتت خبيرة أكثر من أي وقت مضى في المراوغة والتسويف، ورغم النزاع والتنافس والعداء بينها، إلا أنها قد تضطر إلى التنسيق والتعاون فيما بينها بشكل غير مباشر مادام هناك هدف مشترك يجمعها. 

ولكن البعثة الأممية والأطراف الدولية الفاعلة تعرف ماذا ينتظرها، وتدرك بدون شك الأساليب التي ستعتمدها أطراف السلطة، لعرقلة أي جهد يمكن أن يأتي بحل حقيقي للأزمة، ومن ثم فالمتوقع هو ممارسة ضغوط قوية لاجبارها على الرضوخ، من دون اللجوء إلى العقوبات لأن التطورات الأخيرة صارت تهدد مصالح أمريكا وحلفائها ولم تعد شأنا ليبيا خالصا. 

السؤال الملح هنا هو. ما هو موقف روسيا من هذا التحرك الغربي؟ فهي دولة فاعلة سياسيا وعسكريا في ليبيا، وتعرف أنها مستهدفة بهذه الإجراءات، لذلك من العسير الحصول على الدعم المطلوب من مجلس الأمن بقرارات ملزمة، إلا إذا أبرمت صفقة متوقعة في قمة مرتقبة تجمع الرئيس الأمريكي مع الرئيس الروسي، وشملت هذه الصفقة رسم مناطق النفوذ بينهما في ليبيا.

 

(المقالات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل عن رأي صاحبها)