فبراير ثورة أطاحت بدكتاتور العصر
كان للقمع واستخدام القوة أثر كبير في انضمام المزيد من الليبيين للمعارضة
يوافق اليوم ذكرى انطلاقة شرارة الثورة الليبية في فبراير 2011 والتي بدأت بمظاهرات سلمية في مدينة بنغازي، ثم امتدت إلى مدن أخرى في ليبيا، مطالبة بالديمقراطية وإصلاحات سياسية، وتصاعدت الاحتجاجات ثم تحولت إلى معركة مسلحة بين القوات الموالية للقذافي والمعارضة.
وأثار اعتقال الناشط في مجال حقوق الإنسان "فتحي تربل" احتجاجات في ليبيا، ورغم الإعلان عن إطلاق سراحه، واصل المتظاهرون مسيرتهم نحو ميدان الشجرة وسط بنغازي، في وقت صدر فيه بيان لِـ213 شخصية يطالبون فيه بتنحي القذافي، كما دعت المعارضة يوم الخميس 17 فبراير2011 إلى "يوم الغضب" ضد نظام القذافي، الذي حشد أنصاره في مدينة طرابلس ورد بالقوة على المتظاهرين، وأدت اشتباكات في بنغازي إلى مقتل 7 من المدنيين.
وكان للقمع واستخدام القوة أثر كبير في انضمام المزيد من الليبيين للمعارضة، والخروج في مظاهرات بمدن أخرى كالبيضاء والزنتان، وسرعان ما انتشر التمرد إلى العديد من المدن الكبرى.
تسبب التصعيد المفاجئ للعنف من قبل الحكومة الليبية ضد المتظاهرين وغيرهم من المدنيين في إدانة دولية، فرض بموجبها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم 26 فبراير 2011 حظرًا على بيع الأسلحة والمواد ذات الصلة إلى ليبيا.
كما حظر المجلس السفر إلى أراضي الدول الأعضاء على كبار الشخصيات في النظام الليبي، بمن فيها القذافي، حيث نص القرار على أن "الهجمات الممنهجة" التي يتم تنفيذها ضد السكان المدنيين في ليبيا "يمكن تصنيفها على أنها جرائم ضد الإنسانية" كما فرض الاتحاد الأوروبي في 28 فبراير حظرًا على مبيعات الأسلحة، وعلى سفر القذافي وأعضاء حكومته إلى أراضي الاتحاد، فضلًا عن تجميد أصولهم مما دفع عددًا من المسؤولين الليبيين رفيعي المستوى وكبار الدبلوماسيين إلى الانشقاق عن النظام.
وأمام هذه الاستقالات، تراجع دعم القذافي في بعض قطاعات الجيش، بعد حدوث انشقاقات داخل الجيش الليبي ورفض بعض الجنود التصدي للمتظاهرين، وفقد القذافي جزءًا من القوة العسكرية والقيادية التابعة له بعد انضمام عدد كبير من الجنود والضباط إلى صفوف الثورة، مما أضعف قدرة النظام على السيطرة على الوضع.
في 10 و11 أبريل 2011، قبل القذافي خطة للخروج من الأزمة قدمها وسطاء الاتحاد الأفريقي، بقيادة رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما، لكن الثوار الليبيين ظلوا رافضين لخطة السلام هذه، وقالوا إنها لا تنص على تنحي القذافي وأسرته، وتشبثوا بمطلبهم الأساسي القاضي بترك معمر القذافي السلطة.
وأمام هذا الوضع أعلنت مجموعة الاتصال المنعقدة في إسطنبول بتركيا في 15 يوليو 2011، عن اعترافها بالمجلس الوطني الانتقالي باعتباره "السلطة الحكومية الشرعية" في ليبيا، مما مهد الطريق لإلغاء تجميد الأصول المملوكة للدولة الليبية.
وفي 14 أغسطس2011 سيطر الثوار الليبيون على مدينة الزاوية الواقعة غرب طرابلس على الطريق إلى تونس، ليقطعوا بذلك آخر طرق النظام الليبي مع الخارج ليدعو القذافي الليبيين من خلال خطاب له بُث على التلفزيون الليبي في 15 أغسطس إلى مقاومة زحف الثوار، وتوعد حلف الناتو بالهزيمة ليحاصر بعد يوم فقط الثوار العاصمة طرابلس من خلال السيطرة على أبرز الطرق الرئيسية المؤدية إليها، وتمكنوا من الدخول إلى بعض أحيائها التي شهدت انتفاضة شعبية على غرار فشلوم وتاجوراء في 20 أغسطس 2011.
وبعد دخول الثوار للعاصمة طرابلس والسيطرة على معظم أحيائها، ألقى القذافي في 21 أغسطس 3 خطب في أقل من 24 ساعة، دعا من خلالها الليبيين للمقاومة، وعقب ساعات من القتال العنيف، أعلن الثوار في 23 أغسطس 2011 أن المعركة قد حسمت، بعد الاستيلاء على باب العزيزية مقر القذافي في طرابلس.
أصدر ذلك الوقت المجلس الوطني الانتقالي تقييمًا أوليًّا للقتال، أشار فيه إلى سقوط أكثر من 400 قتيل و2000 جريح في ظرف 3 أيام من القتال في طرابلس، وأسر ما يقرب من 600 من الموالين للقذافي، كما قدر أحد القادة العسكريين الميدانيين للثورة الليبية ضحايا المواجهات منذ بدء الانتفاضة الليبية ضد نظام القذافي في حدود 50 ألفًا، حسب تقديره.
وفي 21 سبتمبر أعلنت الحكومة المؤقتة التي شكلها الثوار عن استيلائها على مدينة سبها، أحد المعاقل الثلاثة الأخيرة للقوات الموالية للقذافي، في وقت كانت لا تزال فيه مدينة سرت، مسقط رأس العقيد، وبني وليد تقاومان أمام الثوار.
وفي 17 أكتوبر 2011، احتفل الثوار بالسيطرة على بني وليد، المعقل قبل الأخير للقذافي، ووضع حد لمقاومة قواته بالسيطرة على مدينة سرت يوم 20 أكتوبر الأول 2011، بعد شهرين من الحصار، حيث ألقى الثوار القبض على القذافي بعد غارات جوية شنتها قوات الناتو على قافلته أثناء محاولته الخروج من مدينة سرت وقتل في اليوم نفسه.