دور المجالس البلدية في ملف الهجرة والعمالة الوافدة

دور المجالس البلدية في ملف الهجرة والعمالة الوافدة

مارس 21, 2025 - 13:18

بقلم/ عبدالله الكببر

 لا أحد يتوقع أن تبادر سلطات الأمر الواقع لمواجهة خطر تزايد عدد المهاجرين، فصراعاتهم حول السلطة والمال والنفوذ تشغلهم عن أي هموم أو قضايا وطنية، كما لا يتوقع أن يتحرك الشعب للضغط على سلطات الأمر الواقع حتى تلتفت لهذا التحدي، وتستجيب له بالمستوى الذي يرفع التهديد الوجودي عن الوطن.

ما العمل إذا لمواجهة طوفان المهاجرين؟ وخفض أعدادهم إلى الحد المعقول، فلايؤثر مع مضي الزمن على التركيبة السكانية، ولا يستفز الدول الأوربية فتبادر إلى استغلال الملف للتخلص من المهاجرين، بجعل ليبيا محطة نهائية لهم. في الواقع نجحت إيطاليا خلال السنوات الماضية، عبر عدة اتفاقيات مع السلطات الليبية في الشرق والغرب، بحجز قوارب الهجرة في البحر وإعادتهم إلى البر الليبي، وقدمت في سبيل تحقيق هذه الغاية كل الاغراءات الممكنة، ودعمت خفر السواحل بالزوارق والتدريب، وفي سنوات أسبق ذهبت مباشرة إلى إبرام اتفاقيات مع زعماء مليشيات في غرب البلاد، ومنحتهم المال مقابل وقف قوارب الهجرة.

لا شك أن أحد أسباب تزايد أعداد الوافدين الأجانب في ليبيا، خاصة من الدول الأفريقية جنوب الصحراء، هو الحدود الواسعة غير الخاضعة للرقابة والضبط، مع النجاح النسبي في منعهم من الوصول إلى الشواطئ الأوربية، وهذا يعني الحل الجزئي للمشكلة بالنسبة إلى أوروبا، لتتحمل ليبيا العبء الأكبر من المسؤولية. 

 وبما أن الأمل مفقود في سلطات الأمر الواقع، المنشغلة بالنهب وتعزيز السلطة والنفوذ، والتي لا تملك حتى احصائيات لأعداد الوافدين، فضلا عن تصنيفهم كلاجئين أو مهاجرين أو عمال لا يطمحون إلا في العمل لتحسين أوضاعهم المعيشية، اقترح أن تنهض المجالس البلدية المنتخبة لمواجهة هذه المعضلة، إذ يمكن للمجالس البلدية أن تحصر العمالة الوافدة داخل الحدود الإدارية لكل بلدية، وتنشئ قاعدة بيانات تتضمن المعلومات الأساسية عن كل مقيم داخل البلدية، وحث المواطنين على التعاون لانجاح هذا المشروع، وبتفعيل القوانين تدعو البلدية كل الوافدين إلى استخراج الشهادات الصحية، والقيام بحملات تفتيشية على مقرات عملهم ومعاقبة المخالفين. إذا نفذت كل البديات هذا الإجراء ستتوفر قاعدة بيانات قريبة من الدقة لعدد الوافدين، وجنسياتهم واعمارهم، وكذلك الطريقة التي عبروا بها الحدود، وهنا يأتي دور الوزارات المعنية للبدء في تنفيذ خطط اعادتهم إلى بلدانهم بالتعاون مع سفارات دولهم، قد تواجه هذه الاجراءات بالاعتراض بحجة أن حصر وتسجيل الوافدين داخل منظومة واحدة، سيحمل ليبيا المسؤولية القانونية عنهم، فمنظمة الهجرة الدولية ستتعامل مع البيانات والاحصائيات الرسمية، وستطالب الدولة الليبية باحترام كل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها، وهذا صحيح بالتأكيد، ولكن التعامل بشكل رسمي وداخل حدود المعرفة التامة بكل أبعاد ملف الهجرة، مع قاعدة بيانات شاملة عنهم، يعني السيطرة علي الملف وتوجيهه وفق ما يخدم المصلحة الوطنية، من دون الاخلال بالواجبات والالتزامات الإنسانية والأخلاقية والقانونية مع المهاجرين واللاجئين والوافدين المقيمين. 

 ولعل تحرك البلديات وفق ما يسمح به القانون، سيجبر الحكومة على الاستجابة والتفاعل مع مطالب البلديات بتصحيح أوضاع الهجرة واللجوء والنزوح والإقامة داخل البلاد، وإذا كانت الحكومة تنشد رضى الناس عن أدائها، فالمؤكد أنها ستنال الدعم والمساندة الشعبية بتصديها لهذا الملف البالغ الحساسية نظرا للبعد القاري والدولي المحيط به، وإذا التزمت السلطات المحلية بالقانون فلن تكون هناك أي تبعات يمكن أن تحمل الدولة الليبية أي اجراءات غير مرغوب بها، لأن القانون المحلي للدولة يسمو على أي قوانين أو معاهدات دولية خاصة إذا كانت ليبيا غير موقعة عليها.

 

(المقالات المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل عن رأي كاتبها)