ميثاق صلح مصراتة وتاورغاء .. خلفيات وعراقيل ومعاناة ثم إتفاق

ميثاق صلح مصراتة وتاورغاء .. خلفيات وعراقيل ومعاناة ثم إتفاق

يونيو 04, 2018 - 03:46
القسم:

الميثاق أنهى سنوات من العداء والنزوح والمتاجرة السياسية من عدة أطراف محلية ودولية بالقضية ومن المتوقع أن يمهّد عودة نازحي تاورغاء لمدينتهم

خاص : ليبيا أوبزرفر

شهدت قاعة مجمع الحديد والصلب بمدينة مصراتة ليلة التاسع عشر من رمضان توقيع مدينتي مصراتة وتاورغاء على ميثاق مصالحة تاريخي أنهى سنوات عجاف من العداوة والنزوح على خلفية تبعات أحداث ثورة السابع عشر من فبراير ، ووقع عميد بلدية مصراتة مصطفى كرواد ورئيس المجلس المحلي تاورغاء عبدالرحمن الشكشاك على الإتفاق وسط حضور كبير من شخصيات محلية من المدينتين وحوالي 20 عميد بلدية .

بداية المأساة

بداية العداوة جاءت على خلفية مشاركة مسلحين ينتمون لمدينة تاورغاء في إجتياح كتائب القذافي لمدينة مصراتة في مارس 2011م ، وإتهم أهالي مصراتة آنذاك مسلحي تاورغاء بإرتكاب جرائم نهب وسلب وإنتهاكات خطيرة بحق أهالي مصراتة ، مما خلف رغبة في الإنتقام لدى مسلحين من المدينة على مدينة تاورغاء دعت أهالي المدينة إلى النزوح عقب تحرير كتائب الثوار لمدينة مصراتة وإنهيار نظام القذافي في أغسطس 2011م ، حيث نزح أهالي المدينة بأكملها إلى العاصمة طرابلس ومدينة بنغازي ومدن الشرق وبعض مدن الجنوب ، حيث رفض أغلب أهالي مصراتة رجوع النازحين إلى أن يتم تسليم من تورطوا في الجرائم التي أرتكبت بحقهم ، ليعيش أغلب أهالي تاورغاء في مخيمات مؤقتة في ظروف إنسانية قاسية طيلة السنوات الماضية .

محاولات للصلح ومتاجرات سياسية

ومنذ عام 2011م خرجت عدة مناشدات من عدة أطراف وعلى مدار الحكومات المتعاقبة للحكماء من المدينتين للجلوس لطاولة المفاوضات والصلح ، لم تخلو بعض هذه الدعوات من إتخاذ ملف نازحي تاورغاء كقضية للمتاجرة بغرض تحقيق مكاسب سياسية بينما كانت مأساة نازحي تاورغاء تتمدد ومأساة أهالي من فقدوا أبناءهم من مصراتة تتواصل .

إتفاق برعاية أممية وعراقيل تحول دون تنفيذه

في يونيو من عام 2017م ، قوع عميد بلدية مصراتة الراحل محمد الشتيوي ونظيره رئيس المجلس المحلي تاورغاء عبدالرحمن الشكشاك على إتفاق مصالحة بعد أشهر طويلة من المفاوضات داخل وخارج البلاد جرى أغلبها برعاية البعثة الأممية لدى ليبيا ، ولكن الإتفاق لم ينفذ نظراً لظهور أصوات معارضة له من الطرفين ، حتى أعلن رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج في ديسمبر 2017م عن تحديد تاريخ الأول من فبراير تاريخاً لعودة نازحي تاورغاء لمدينتهم وأعلن عن تشكيل لجنة لتنفيذ إتفاق يونيو 2017م لتسهيل العودة من النواحي اللوجستية ، مما حذا بالمئات من نازحي تاورغاء للتحرك نحو مدينتهم لأجل العودة التي تعذرت بسبب إصرار جهات من مدينة مصراتة على إستكمال كافة الترتيبات الأمنية واللوجستية والتنفيذ الصحيح لكافة بنود الإتفاق ، مما حذا للنازحين العائدين للإحتجاج بإقامة مخيم بمنطقة قرارة القطف على مشارف مدينة تاورغاء في ظروف إنسانية ومناخية قاسية .

ميثاق صلح وتوقيع تاريخي

رغم كل العراقيل التي واجهت تطبيق إتفاق المصالحة ، واصلت فرق العمل من المدينتين العمل على تذليل كافة العقبات التي حالت دون تطبيقه ليتم الإعلان عن التوصل إلى إتفاق بين المدينتين ويتم التوقيع على ميثاق مصالحة تاريخي ليلة التاسع عشر من رمضان وسط حضور كبير من الشخصيات المحلية وأكثر من 20 عميد بلدية من مختلف أنحاء ليبيا ، إيذانا بإنفراج في واحد من أكبر الملفات تعقيداً في تاريخ البلاد الحديث ولينضم هذا الميثاق إلى سلسلة من مواثيق الصلح الإجتماعي بين عدد من المدن تم توقيعها في الفترة الماضية في المنطقة الغربية ولاسيما إتفاق مصالحة مدينة الزنتان مع مدن الزاوية ومصراتة وترهونة ، ليكسب صنّاع المصالحة والسلام شوطاً أخراً أمام دعاة الفتنة والحروب الذين لايزالون يعيثون في البلاد فساداً مدفوعين بأجندات خارجية لا يوجد فيها إلا بند واحد (الحرب والقتل والدمار والتهجير) .