ملاحظات حول بيانات وقف إطلاق النار

ملاحظات حول بيانات وقف إطلاق النار

أغسطس 23, 2020 - 21:19

الدكتور عبدالحميد النعمي

أستاذ العلوم السياسية 

1_اولا وقبل كل شيء يجب التأكيد على أن صدور مثل هذا البيان من السراج أصبح ممكنا نتيجة للفراغ السياسي الذي نتج عن عجز كتائب الثوار عن ترجمة انتصاراتهم العسكرية في معركة صد العدوان على طرابلس إلى برنامج سياسي ورؤية وطنية شاملة ، وتحولها الى قوة سياسية وتيار سياسي يفرض واقعا جديدا على الأرض.

2-البيانان الصادران عن السراج وعقلية صالح لا يمثلان اتفاقا على وقف إطلاق النار ولكن انصياعا للتوجه العام للمجموعة الدولية التي تتولى الملف الليبي

3 -البيانان لا يمثلان اتفاقا ولكن يعبران عن رؤية كل منهما. حيث يلتقي الطرفان حول نقطتين أو أكثر ويختلفان حول جميع النقاط الأخرى.

4-البيانان يعبران عن الشرعية المنقوصة والمطعون فيها بالنسبة للسراج وعقلية. ولذلك فكليهما لا يبالي بالتنازل عن السيادة التي يفترض أنهما يمثلانها. حيث يتنازل السراج عن حق الدولة الليبية في التصرف في مواردها بالموافقة على وضع عائدات النفط في حساب خاص لا يمكن التصرف فيه الا بعد اتفاقات بين الطرفين تتم في إطار مقررات برلين.

5-الطرفان يضعان نفسيهما تحت مظلة مقررات برلين التي لم يشارك فيها أي طرف ليبي. وهي تقتصر على أطراف دولية لها مصالح في ليبيا. ومثل هذه القرارات، وان وافق عليها مجلس الأمن لا يجب أن تفسر في اتجاه يتناقض مع ميثاق الأمم المتحدة الذي يؤكد على احترام سيادة الدول الأعضاء.لكن للاسف يتم تفسيرها من الجميع كما لو أن هناك نظام انتداب أو وصاية قائما بالفعل في هذه الحالة.

6-البيانات الليبية والامريكية تعبر عن حرص الخارجية الأمريكية على خلق حالة من التهدئة تصب في صالح الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكي ترامب.

7-ما يهم الولايات المتحدة بالدرجة الأولى هو:

ا- خروج الروس من ليبيا

ب- استئناف تصدير النفط

ج - عدم خروج حفتر من المشهد.

8-النتائج المتوقعة:

ا- وقف إطلاق النار

ب- انسحاب بعض القوات الموجودة في مناطق الاشتباكات.

ج- استئناف تصدير النفط ...على الاقل حتى انتهاء الانتخابات الأمريكية. تم العودة إلى الاستفزازات ووقف التصدير اذا دعت حاجة بعض الأطراف الدولية إلى ذلك.

د- تحول خطوط وقف إطلاق النار إلى حدود فاصلة بين المنطقتين الشرقية والغربية.

ه- يبدو أن الحملة الفرنسية والاماراتية على ليبيا قد انتهت لكن الجولة مع روسيا لم تنتهي بعد في انتظار نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة.

و- ستحاول القوات الروسية أن تتفادى أي مواجهة عسكرية جديدة مع تركيا والحيلولة دون تكرار الهزائم التي الحقتها بهم التقنية التركية وحولتهم من دولة تريد أن تقارع أمريكا الى دولة تقارع تركيا الدولة الصاعدة في سعيها للحصول على بعض الامتيازات لشركاتها.

ز- لا توجد مؤشرات على انطلاق عملية إصلاح سياسي جادة وذلك لعدم وجود أطراف سياسية وطنية في مستوى الحدث. والاحتمالان الأرجح هما استئناف الحرب التي ستكون هذه المرة حرب حدود أو خضوع الطرفين لاملاءات إقليمية ودولية تفرض عليهم القبول بوقف إطلاق نار دائم واستمرار الانفصام بين المؤسسات السيادية بين المنطقتين إلى أجل بعيد.