لماذا يهيمون به حباً؟

لماذا يهيمون به حباً؟

مايو 25, 2022 - 20:29

بقلم الكاتب / محمد المغربي

الحبّ والهيام أمران لا يمكن قياسهما بالعقل والمنطق، ولا ينفع معهما تساؤلاتك عن الجدوى، ولكن تشتد غرابتهما إذا ارتبطا بالسياسة.

لو لم تكن من أولئك المتيّمين بحفتر، الذين لو استعملوا عقولهم بأي طريقة كانت، فمن العسير أن توصلهم لتمنّي سيطرته على البلاد، ولكنّهم مع هذا يدعمونه.

(هذه من الأمور الغير قابلة للقياس، والتي تعطي نتائج غير متوقّعة، ولا تتناسب مع المعطيات، كأن يسعى شخص جاهداً لتدمير مستقبل أبنائك، ثم تكون النتيجة أنّك تدعمه، هنا تهجر كل التحليلات المنطقية، وتتّجه إلى أقرب مشعوذ يدّعي معرفته بالسحر؛ ليفسّر لك الأمر، هذه الظاهرة تجعل من المنطقي أن تصفهم بالمتيّمين لا الداعمين؛ فالحبّ المجرّد فقط، هو الذي لا يقاس معه الأخذ بالعطاء).

المهم، - لو لم تكن من أولئك، فستكون بين خيارين: إمّا أن تولّي ظهرك لكل هذه الضوضاء، وتكتفي بالتعامل مع تأثيراتها على حياتك، فتهجر مناطق النزاع، وتتقبّل صدمة إغلاق النفط، وتشدّ الأحزمة عند ارتفاع الدولار، وتبيع صكك بنصف ثمنه عند شح السيولة، وتملأ كلّ ما يمكن أن تخزن فيه الوقود؛ استعداداً للأزمة القادمة لا محالة، وداعياً ألّا تنتهي حياتك بخبر اشتعال إحدى "القالونات" التي تخبّئها في كلّ زاوية من زوايا بيتك، - وإمّا أن تحاول أن تفهم، طبعاً محاولة الفهم لا تعني عدم قيامك بالإجراءات السابقة، ولكن على الأقل ستقوم بها، وأنت تعرف إلى من توجّه شتائمك في النهار، ودعاءك بالليل؟، وأن تموت كمداً أفضل من أن تموت جاهلاً على كل حال.

محاولة الفهم لن تكون ميسّرة؛ فكلّ مهتم بالشأن العام يدّعي الفهم العميق للأزمة، بينما يتّهم مخالفه بانعدامه؛ ولهذا فادعائي الفهم لا يزيد عن كوني متحذلقاً إضافياً، تمّ إدراجه في قائمة المتحذلقين، ولكن لا مناص من هذا الادّعاء.

المناصب الرئاسيّة والوزاريّة كفيلة بأن تتحوّل معها من إمّعة ما، إلى شخص تُفرش له البسط الحمراء، ويُستقبل في القصور، صدّقوني، يمكن ألّا تكون المبادئ بعدها مغرية للتمسّك بها، ولكن دعونا، لا نركّز على هذا؛ فمن العسير أن نطالب اليوم بمسؤولين زهّاد، ولكن هناك مزية لا بأس أن نتمسّك بها، فلنطالب بمسؤول يمكن محاسبته، لا نخشى انتقاده، يمكن أن نسأل عن أحقّية أبنائه بالرتب والمناصب، ونتجرأ على اقتراح مشاريع بديلة لتصدير الخردة، أو على الأقل نطالب بمعرفة مصير إيراداتها.

هذه الأمور لا تحتاج لإفتاء دهاقنة السياسة، ومن يدافع عمّن لا يمكننا محاسبته، فهو بالتأكيد إمّا شريك له، أو متيّم به، والمتيّمون -كما قلنا لكم منذ البداية- لا يمكن التفاهم معهم.

إذا كان لديك تفسير آخر للأمر غير الهيام بالحبّ، فتذكر أنك الآن في القرن 21 ولم تعد تقرأ المقالات من جريدة، فبإمكانك أن تضع تفسيرك في مربع التعليقات.