انتخابات أم حكومة ثالثة؟

انتخابات أم حكومة ثالثة؟

سبتمبر 02, 2022 - 17:50

مقال رأي بقلم الكاتب الصحفي #عبدالله_الكبير

الكاتب الصحفي #عبدالله_الكبير

رغم ما تخلفه الحرب من مآسي ودمار إلا أن ثمة جانب إيجابي فيها، لا يظهر بشكل واضح لغير من يبحث مدققا لرصد التداعيات والتغيرات، فنهاية أي الحرب عادة هي نهاية مرحلة وبدء مرحلة جديدة. ومن بحيرات الدماء والدموع، ووسط العويل والأنين يبزغ واقع مختلف عما سبقه، فعبر التاريخ شكلت الحروب أهم محركات التقدم البشري، سياسيا وفكريا واقتصاديا وعلميا. فالكثير من مظاهر التقدم العلمي كانت الحروب هي سببها الرئيسي. ولهذا حديث طويل لسنا بصدده في هذا المقال، وإنما الغرض هو رصد التطورات المتسارعة عقب حرب يوم السبت  27 أغسطس الماضي في عدة مناطق في طرابلس، وفي محيطها، والتي سرعت من الحراك السياسي لبحث سبيل نحو حل سياسي يضع حدا لأزمة الشرعية، ويحد من اللجوء للقوة المسلحة. أهم التطورات عقب انقشاع غبار المعارك كانت كالتالي :

صدور أوامر قبض ومنع من السفر من المدعي العام العسكري، ضد شخصيات بارزة في المشهد السياسي من قيادات فبراير. فشهرتها وما قدمته في الثورة وماتلاها من حروب ضد داعش وضد حفتر لم يقف عائقا دون إعمال القانون.

مسارعة أعضاء من مجلس الدولة، بعضهم منحازون إلى مجلس النواب، في صفقة حكومة باشاغا، إلى اصدار بيان يدعون فيه إلى انتخابات برلمانية، ولا يساورني الشك في أن خشيتهم من غضب الناس، باعتبارهم شركاء في كل ماحل بالبلاد من مصائب، هو ما دفعهم إلى اصدار البيان.

حراك اقليمي ودولي يستشعر أن استمرار إجهاض الانتخابات، يعني ان الصراع المسلح سوف يستمر.

 مسارعة المشري وعقيلة إلى اللقاء لبحث القاعدة الدستورية وقوانين الانتخابات، أو بمعنى آخر احتواء تداعيات الحرب، والتعاون لاستمرار هيمنتهما على المشهد السياسي.

حراك دبلوماسي تركي يسعى لتهدئة الاوضاع في مناطق نفوذه، بينما مناطق نفوذ خصومه. روسيا ومصر، أكثر هدوءا.

تحرك أمريكي للدفع بتسمية المبعوث الأممي الجديد، بعد اخفاق دام ثمانية اشهر منذ استقالة المبعوث السابق يان كوبيش.

تنصل الكثير من الشخصيات والمجالس البلدية من الحكومة المكلفة من البرلمان، وإعلان تأييدهم لحكومة الوحدة الوطنية، التي عززت من موقفها، وباتت أكثر قوة.

القضاء على المليشيات غير المنضبطة في طرابلس، ومن ثم تقلص عددها، وتركز القوة في نحو ست فصائل فقط.

 السؤال المهم هنا. هل ثمة قيادات ومنظمات مدنية تنتهز هذه الفرصة، وتحرك الشارع ليمارس ضغطه عبر الحراك السلمي، بموقف حازم لا يقبل التفاوض وهو التمسك بإجراء الانتخابات البرلمانية، ورفض أي تمديد للكيانات الحالية؟

يقدم الموقف الدولي الداعم للانتخابات، وضيق مساحة المناورة أمام أطراف تمديد المرحلة الانتقالية المحلية، وتمسك حكومة الوحدة الوطنية بعدم التسليم إلا لسلطة منتخبة، فرصة مناسبة لاستمرار المطالبة بإنهاء مجلسي النواب والدولة، ورفض مقترح تشكيل حكومة ثالثة بذريعة تنفيذ الانتخابات، لأنه ليس سوى محاولة أخرى لاستمرار نفس الكيانات الفاشلة والوجوه الكئيبة في المشهد السياسي.

   (المقالات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل عن رأي كاتبها)