الحكومة في مواجهة مجلسي النواب والدولة

الحكومة في مواجهة مجلسي النواب والدولة

أغسطس 04, 2023 - 11:20

مقال رأي بقلم الكاتب الصحفي عبدالله الكبير

الكاتب الصحفي عبدالله الكبير

إزاحة الأطراف السياسية المتصارعة عبر الانتخابات، وفي مقدمتها مجلسي النواب والدولة، بات أمرا ملحا لإنجاز التغيير، والتقدم إلى مرحلة جديدة تمهد لمعالجة كافة الملفات العالقة، والتي لن تنال أي اهتمام من هذه الأطراف، المستغرقة في مشروع بقائها في مواقعها، وليس لها سوى هدف واحد تمديد هذه المرحلة إلى ما لانهاية، والسعي إلى المزيد من السلطة، والاستيلاء علي أقصى قدر ممكن من الموارد المالية، لاستخدامها في تمويل البقاء والصراع.

هذه الحقائق باتت معروفة لغالبية الناس، وللأطراف الدولية المؤيدة للانتخابات، وللبعثة الأممية. بعد المواقف والتصريحات والبيانات الأخيرة، من البعثة والدول الأوروبية وأمريكا، أخذت مساحة المناورة لمجلسي النواب والدولة تضيق شيئا فشيئا، فالبعثة رفضت خارطة الطريق التي يطرحها المجلسان كطعم مخادع، بالزعم أن القوانين الانتخابية أنجزت، ولم يبق سوى تشكيل حكومة تشرف على تنفيذ الانتخابات.

بينما الحقيقة هي أن هذه القوانين مازالت محل جدل ورفض، ولم تهتم اللجنة المشتركة التي انتجتها بملاحظات البعثة، ولا بدعوات المبعوث الأممي للمزيد من التشاور مع كل الأطراف الفاعلة، حتى تصبح قابلة للتطبيق، فضلا عن بعض الملاحظات قدمها أعضاء في مجلس النواب، بانتظار موافقة مجلس الدولة عليها، أما خارطة الطريق نحو تشكيل حكومة جديدة، وتأجيل الانتخابات ثمانية أشهر، فلم يستغرق قبولها واعتمادها إلا جلسة واحدة في كلا المجلسين، ليعلن رئيس مجلس النواب عن شروط الترشح لرئاستها.

  تدرك حكومة الوحدة الوطنية أنها مستهدفة دون غيرها لاسقاطها، وتقاسم الوزارات والهيئات والوكالات في حكومة جديدة، يشكلها مجلسا النواب والدولة، مع الأطراف السياسية والعسكرية المقربة منها. ولكن موقفها مايزال قويا في مواجهة مجلسي النواب والدولة، رغم كل التحفظات، وكل قضايا الفساد المتهمة بها، ومع تحالفات قوية داخليا وخارجيا، ورفض أطراف دولية فاعلة تمديد المراحل الانتقالية، سيكون من العسير على مجلسي النواب والدولة اسقاطها، وتنفيذ خارطة الطريق التي اتفقا عليها.

 المستجدات الأخيرة وضعت البعثة الأممية في مواجهة صريحة مع مجلس النواب، فالمبعوث الأممي تخلى عن اللغة الدبلوماسية، في كلمته أمام ملتقى حكماء أعيان فزان، وقال بوضوح " لا يمكن بناء ليبيا الجديدة إلا عن طريق عملية انتخابية، يتم من خلالها انتخاب أعضاء البرلمان ورئيس الدولة، وعندما يتم انتخاب حكومة جديدة سيحل الاستقرار في البلاد، وأن من يريد ترتيبات انتقالية وحكومات انتقالية أخرى يريد تقاسم الكعكة وسوف يذكر التاريخ ذلك".

 ولكن باتيلي تراجع قليلا عن هذه الحدة، بعد يومين من بيانات وتصريحات مضادة، من أعضاء في  مجلس النواب، واجتمع مع عقيلة صالح وخالد المشري، وأطلق عبر قناة الجزيرة تصريحات امتدح فيها القوانين التي قدمتها اللجنة المشتركة، واعتبرها خطوة إلى الأمام، معتبرا وجود حكومتين قضية تستوجب الحل، لكنه أكد مجددا على ضرورة مشاركة كل الأطراف السياسية للتوصل إلى اتفاق شامل.

 باتيلي لم يجد حتى الآن الدعم المطلوب من الأطراف الدولية لتجاوز المجلسين، ويبدو هذا التجاوز متعذرا بدون هذا الدعم، ومن ثم لا يمكن له إطلاق أي مبادرة تستبعدهما من المشاركة، ولكنهما لا يريدان أي مشاركة من أطراف أخرى، لأنها ستنهي هيمنتهما على العملية السياسية، وقبولهما بهذه المشاركة في ملتقى تونس جنيف، فرضته ظروف دولية مختلفة، مع دعم قوي من أمريكا للمبعوثة السابقة بالإنابة ستيفاني وليامز.

 ازاء هذا التعارض في المواقف، والصدام المرشح للتصعيد بين المبعوث الأممي ومجلس النواب، ستطول رحلة البحث عن مسار يؤدي للانتخابات، مع استمرار محاولات بعض الأطراف تليين موقف البعثة لتغيير الحكومة.

        (المقالات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل عن رأي كاتبها)