هل يمكن جلب الجن ليواجه العدالة؟

هل يمكن جلب الجن ليواجه العدالة؟

يناير 11, 2024 - 10:11

مقال رأي بقلم الكاتب الصحفي عبد الله الكبير

خلال اقل من عامين، ستنتهي كل أزمات البلاد، وكل المعاناة وكل المصائب التي أذهبت صواب الناس، وأحالت أيامهم إلى ليل طويل بلا نهاية، وتصبح مجرد ذكريات قاسية، يتذكرها المواطن مصحوبة بالدعاء: عليك أيام سود.. الله لا تردهن.

 فقد أهتدى النواب، بعد أن فتح الله عليهم وأرشدهم إلى سبيل الصواب، إلى سن قانون تجريم السحر، وإقرار العقوبات الرادعة على الكهنة والمشعوذين، ليكون هذا القانون هو الخطوة الأولى الأساسية، لإنهاء النزاع حول قوانين الانتخابات، واستعادة العدالة، والقضاء على الفساد، وعودة ليبيا إلى قوائم التصنيف في جودة التعليم، لتتبوأ أعلى المراكز في موازاة سنغافورة وماليزيا وكوريا، والقضاء على التضخم، وانخفاض أسعار السلع والخدمات، وتوحيد مؤسسات الدولة، وعودة الوئام والتناغم بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، واستعادة الدينار الليبي هيبته وقوته في مواجهة كل العملات، وحل معضلة المناصب السيادية، وخروج المرتزقة والقوات الأجنبية من كافة القواعد العسكرية، الليبية، ومعاقبة المجرمين الذين أوقدوا نيران الحرب بين الليبيين، وحفروا لهم المقابر الجماعية، وغيرها من القضايا والمعضلات.

حري بكل الميادين الآن أن تحتفل، وتطلق الالعاب النارية، وتعلن الحكومة عن منح ثلاثة أيام إجازة لكل الموظفين والعاملين، ماعدا من تستدعي الضرورة استمرارهم كالمستشفيات والدفاع المدني والشرطة والمطارات، ولابد من إصدار مرسوم من المجلس الرئاسي يضيف فيه يوم اعتماد القانون( التاسع من يناير) إلى الأيام الوطنية الخالدة، فما بعد التاسع من يناير سيكون تحولا تاريخيا هائلا، ستذكره الأجيال بكل فخر واعتزاز، وستخلد النواب الذين صوتوا مع اعتماد القانون بمجسمات في متحف الشمع.

 المفلسون من بقايا العلمانيين والاشتراكيين سيوجهون سهام نقدهم للقانون، كعادتهم في تسفيه كل توجه يخدم الشعب، بالطعن في صحته والتقليل من شأنه. سيزعمون أن الحد من تأثير السحر على الناس يتحقق تلقائيا بتحسين أوضاع الناس الاقتصادية، فحالات  الطلاق وفقا للدراسات العلمية، تنخفض بنسبة لا تقل عن% 52 إذا تمكنت الأسر من تأمين دخل يسد احتياجاتها، وسيتراجع التوتر الاجتماعي بتحقيق القدر الأقصى من العدالة الاجتماعية، وتقليص الفوارق السائدة اليوم بين الأغنياء ومحدودي الدخل، سيحد من التباغض بين أفراد المجتمع، وتنمية المجتمع ثقافيا هي السلاح الأكثر فعالية في مواجهة كل الظواهر السلبية. الكثير من اللغو والأفكار الغريبة سيطلقها هؤلاء المتفلسفون، وهم يمارسون فشلهم كعادتهم، إزاء كل ما لا يتوافق مع أفكارهم واتجاهاتهم.

 من النتائج العرضية والمبشرة لقانون مكافحة السحر، هي تفرغ سلفية طاعة ولي الأمر للمحاضرات واللقاءات الخاصة بنشر الفوائد العظيمة لطاعة ولي الأمر، مهما أوغل في دماء الشعب، ونهب أموالهم، وحطم حاضرهم ومستقبلهم، وخضع لعدوهم، ومهما ارتكب من مخالفات، واقترف من جرائم، وتجنب المظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات وغيرها من البدع، إذ كانت مطاردة بقايا العلب والمغلفات في المقابر على طول البلاد وعرضها، تستهلك الكثير من وقتهم.

 المطلوب الآن من ذوي الاختصاص، عطفا علي القانون، وضع الأسس الخاصة بتفسير مواد القانون، وهو مطلب ليس بالهين، لأن ثمة غموض يحتاج إلى تجلية، وهناك اسئلة كثيرة تنتظر الإجابة. فالكهنة يستعينون بالجان في قضاء حوائجهم، ومن ثم يصبح الجان شريكا في هذه العمل الأسود، فما السبيل لجلب أي جن متهم ليواجه العدالة؟ والموقف نفسه في حالة استدعاء الجن للإدلاء بشهادته في قضية ما. هل ثمة وسيلة لذلك؟ وكيف يمكن التحقق من صدقه إذا تمكنت العدالة من جلبه للشهادة؟ ومن يستطيع إثبات أن مواطنا ما تم استهدافه بالسحر، وعلامات ذهاب شيرته وسرحانه هي من أعراض هذا السحر، وليست بسبب علاقة حب انتهت إلى الفشل، أو بسبب ترامادول منتهي الصلاحية؟

(المقالات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل عن رأي كاتبها).