الفشل هو مصير المبادرات الأحادية 

الفشل هو مصير المبادرات الأحادية 

مارس 15, 2024 - 12:18

عبدالله الكبير | كاتب صحفي

لم تعلق البعثة الأممية بليبيا على نتائج اللقاء الثلاثي الذي جمع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح في القاهرة الأحد الماضي، ولم يصدر عن المبعوث الأممي عبدالله باتيلي سوى تصريح مقتضب، عقب اجتماعه مع المنفي، ذكر فيه أنه أخذ علما بالاجتماع ومخرجاته. 
 كذلك لم تعلق على اللقاء أي من سفارات الدول الفاعلة في المشهد الليبي، أما سفير الاتحاد الأوروبي نيكولا أورلاندو، فقد أعلن عن "ترحيب الاتحاد بجهود البعثة الأممية إلى ليبيا"، وهي إشارة واضحة إلى استمرار الدعم الأوروبي لمبادرة باتيلي، وفي إشارة ضمنية لرفض المحاولات المصرية تقويض سبل الحل السياسي، حذر في نفس التصريح من المبادرات السياسية غير المنسقة، لأنها قد تؤدي إلى تعميق الانقسامات.
هذا الموقف الدولي يؤكد بشكل صريح عدم التفاعل مع أي مبادرات أحادية، محلية كانت أو إقليمية أو دولية، لأن حدة الصراع على كل هذه المستويات، مع المناخ الدولي المتخم بالانقسامات والصراعات، لا تساعد على التوصل إلى تسوية مقبولة من كل الأطراف المنخرطة في الصراع. 
كما أن استمرار دعم مواقف البعثة الاممية، يرسل رسالة واضحة للجميع، مفادها أن المقترحات والحلول المقبولة لابد أن تكون مرضية للجميع، باعتبار أن البعثة الأممية ستأخذ بعين الاعتبار مصالح ومخاوف كل الأطراف، بينما ستغلب المبادرات الأحادية مصالح الطرف الذي يقف خلفها ويروج لها. 
 ولعل هذا الموقف الأوروبي وبالتأكيد الأمريكي، حتى وإن لم يعبر عنه في تصريح واضح، سيكبح محاولة فرنسية لطرح مبادرة جديدة، لا يتوقع لها غير الفشل، شأنها شأن مبادرات سابقة رعتها الرئاسة الفرنسية، التي لم تستنكف عن طرح المبادرات رغم الفشل المتوقع في كل مرة، بالنظر إلى مساهمتها في تعميق الصراع بدعم أحد الأطراف، ومسؤوليتها المباشرة عن دماء سفكت وأرواح زهقت خلال حروب حفتر في السنوات الماضية.
 ماهو مصير مبادرة باتيلي؟ هذا هو السؤال الذي ستقطع اجابته كل المبادرات الأحادية، فاستجابة الأطراف الخمسة المدعوة للتفاوض إلى اللقاء على مائدة باتيلي، هو الطريق الوحيد للاتفاق على إنهاء الأزمة الراهنة، بالذهاب نحو الانتخابات، ولكن هذه الاستجابة لن تتم من دون تهديد صريح بتجاوز الرافضين لها، والانتقال إلى تشكيل ملتقى سياسي موسع على غرار ملتقى تونس جنيف السابق. فانتظار موافقة من يريدون البقاء في السلطة لن يسفر عن أي تقدم، بينما إشراك الأطراف المقصية عن السلطة، التي ترى في الانتخابات سبيلا وحيدا قد يحقق لها حلمها، هو أفضل الخيارات المتاحة لتجاوز المرحلة الحالية، ومن ثم فإن البعثة مدعوة إلى كسر الجمود الحالي، بالشروع في الاعداد لملتقى سياسي جديد، تشارك فيه كل القوى السياسية والعسكرية والاجتماعية، وسيكسب هذا الملتقى شرعية قوية إذا جرى تشكيله عبر الانتخابات.

 

(المقالات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل عن رأي كاتبها)