ملامح الدور الأمريكي في مرحلة مابعد باتيلي

ملامح الدور الأمريكي في مرحلة مابعد باتيلي

أبريل 29, 2024 - 12:48

بقلم الكاتب/ عبدالله الكبير

صورة من الأرشيف

استقالة المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي لم تشكل حدثا فارقا على المستوى المحلي، لأسباب عدة أهمها عجزه عن أحداث أي اختراق في جدار الأزمة، وتراجع دور البعثة بشكل عام في كل الملفات تقريبا، ولكنها تعد حدثا مهما على المستويين الإقليمي والدولي، يدفع الدول المنخرطة في الصراع، إلى الاستعداد لكل السيناريوهات المحتملة عقب الاستقالة.

 يدرك كل متابع للشأن الليبي الظروف التي جاءت بباتيلي إلى هذه المهمة، عقب فشل الدول الكبرى في مجلس الأمن في تسمية مبعوث جديد، فرغم اقتراح الأمين العام للأمم المتحدة عدة أسماء للمنصب الشاغر، لم تنل توافق الدول الكبرى في مجلس الأمن، وإزاء استمرار الخلاف قبل الجميع بمرشح الاتحاد الأفريقي، السياسي السنغالي عبدالله باتيلي. 

المنصب مهم للدول الكبرى وحلفائها في المنطقة، لأن كل الحلول والتسويات السياسية سيتولاها المبعوث الخاص، ثم تعتمد من مجلس الامن. 

 من المنطقي جدا أن تستعد كافة الدول المعنية بالأزمة للمرحلة المقبلة، المتوقع أن تقودها الدبلوماسية الأمريكية ستيفاني خوري، التي ستتولى المهمة بالإنابة خلفا لباتيلي، بالتزامن مع عودة السفارة الأمريكية للعمل من داخل طرابلس، ومن ثم ستحصل خوري على إسناد دبلوماسي قوي لتنفيذ خطتها، عقب تسلمها لمهامها بشكل رسمي منتصف الشهر المقبل. 

 ما هي ملامح الدور الأمريكي في الأزمة الليبية في المرحلة المقبلة؟

 التحرك الأمريكي بالإعلان عن عودة السفارة إلى العمل من طرابلس، ثم الدفع بالدبلوماسية ستيفاني خوري إلى موقع نائب رئيس بعثة الدعم، لتتولى رئاسة البعثة عقب استقالة باتيلي، مؤشرات قوية على انخراط أمريكي أكبر في الازمة، بالاحتفاظ بالملف الليبي في يدها من خلال خوري، الدافع الأكبر لهذا التحرك الجديد هو تنامي النفوذ الروسي في ليبيا، ووصوله إلى مستويات خطيرة تحتم على أمريكا المزيد من الاهتمام بليبيا، لحماية مصالحها ومصالح حلفائها.

 المبعوث الأمريكي الخاص السابق إلى ليبيا جوناثان واينر، كشف في مقال تحليلي مطول نشره معهد الشرق الاوسط، عن نشاط عسكري روسي مكثف في ليبيا، يحتمل أن يسفر عن تأسيس قاعدة بحرية، فضلا عن القواعد الأخرى في وسط وجنوب البلاد، والتي تتواجد فيها عناصر فاغنر، وتزويد حفتر بمليارات العملة المزورة ليعزز من نفوذه وسلطته، وبهذه الفاعلية توسع روسيا نشاطها في دول أفريقيا جنوب الصحراء.

 بالطبع ليس ثمة جديد في طرح واينر حول الدعم الروسي لحفتر، فهو من الحقائق التي ذكرتها تقارير خبراء مجلس الامن الدورية، واعتراف موسكو على لسان بعض مسؤوليها بهذا الدعم، وتبريره بأنه تم بناءا على طلب من سلطات شرق ليبيا، ولا جديد ايضا في مقال واينر، عن اخفاق بعثة الأمم المتحدة في إلزام القيادات الليبية بالعمل معا للتوصل إلى حل سياسي، وكذلك ما سرده عن التطورات السياسية والعسكرية خلال السنوات القليلة الماضية. لكن المهم في مقال واينر هو دعوته للإدارة الامريكية إلى الدفاع عن مصالحها، لأن تزايد الحضور الروسي في ليبيا خطر على الأمن القومي الأمريكي.

تحذيرات واينر، وبالتأكيد شخصيات سياسية أخرى، فضلا عن تقارير مراكز الابحاث والدراسات الاستراتيجية، وتقارير المخابرات، يبدو أنها وجدت الآذان الصاغية في مكاتب البيت الأبيض، لذلك تعود السفارة الأمريكية إلى طرابلس، وتتولى خوري قيادة البعثة الأممية خلفا لباتيلي، وما تناقلته بعض التقارير عن تدريبات عسكرية لفصائل محلية تنفذها شركة أمنية مرتبطة بوزارة الخارجية الأمريكية. 

 لا ريب أن هذه التطورات بالغة الخطورة، تستدعي من كافة القوى الوطنية تجاوز خلافاتها وصراعاتها، و النظر إلى احتمال تصاعد المواجهة الروسية الغربية، إلى نقطة حرجة تتحول فيها ليبيا إلى ساحة أخرى لهذه المواجهة، والعمل من أجل تجنيب البلاد مخاطر هذا السيناريو بكل السبل الممكنة والمتاحة.

(المقالات المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل عن رأي كاتبها)