هل تلتفت أطراف الصراع للخطر المقبل؟

هل تلتفت أطراف الصراع للخطر المقبل؟

يوليو 02, 2024 - 11:21

بقلم/ عبدالله  الكبير

وهي ماضية في تكريس الوضع القائم حاليا، مستغرقة في صراعاتها، وكل طرف فيها يؤمل الانتصار والاطاحة بخصومه، لاتدرك الكيانات والشخصيات الليبية خطورة المرحلة المقبلة على مستقبل الكيان الليبي، أو ربما هي تدرك وتعي أن القوى الكبرى تمهد لجعل ليبيا ساحة صراع جديدة، وبؤرة ساخنة أخرى لتصفية الحسابات، ثم التفاوض وعقد الصفقات وصولا إلى الصورة النهائية التي سيكون عليها النظام العالمي القادم، ولكنها عاجزة عن الفعل والتأثير لتجنيب البلاد السيناريوهات السيئة.

فالنخبة الحاكمة شرقا وغربا وجنوبا، لا تلتفت للصراع الذي بدأ يتوسع بين روسيا من جانب وأمريكا وحلفائها من الجانب الآخر. هذا الصراع القائم منذ أن بدأت روسيا في تنفيذ استراتيجيات التوسع عالميا، واستعادة ماكان يتمتع به الإتحاد السوفياتي من نفوذ في كل القارات، بل وامتد مؤخرا إلى الفضاء، حيث عشرات آلاف الأقمار الصناعية التي تعتمد عليها أمريكا عسكريا، وتخطط روسيا لتعطيلها أو تدميرها باستخدام أنواع متطورة من الأسلحة.

بالطبع نحن لا يعنينا كما لا يعني أغلب الدول بشكل مباشر هذا الصراع الفضائي، وإن كان تأثيره سيطال كل شعوب الأرض، ولكن قليلة هي الدول القادرة على التأثير في هذا الصراع، لقدراتها العسكرية والتكنولوجية والاقتصادية، مثل الصين والهند.

ما يعنينا بشكل واضح ومباشر من دون أي مواربة، هو توسع النفوذ العسكري الروسي في شرق وجنوب ليبيا، والامتدادات الإقليمية لهذا النفوذ، في منطقة الساحل الأفريقي، لأن التحرك الأمريكي الأوربي لمواجهة هذا النفوذ.

منذ بدايات التقارب بين معسكر حفتر وروسيا ودخول شركة فاغنر إلى ليبيا لتقديم الدعم لحفتر، لم يتعد رد الفعل الأمريكي والغربي بشكل عام حدود التعبير عن القلق والانزعاج، عبر التصريحات والبيانات والتقارير الإعلامية، مع ازدياد حدة التلاسن والمواجهة بين المندوبين في مجلس الأمن، كلما طرحت الأزمة الليبية على مائدة المجلس، لكن يبدو أن مرحلة التنديد والقلق انتهت بالنسبة لأمريكا وحليفتها الأقرب بريطانيا، ففي يونيو وديسمبر من العام الماضي تواترت الأخبار عن تعرض قاعدة الجفرة لقصف مجهول المصدر استهدف طائرات شحن تحمل معدات عسكرية وأجهزة رصد متطورة، وقبل أسابيع أوقفت السلطات الإيطالية شحنة عسكرية قادمة لحفتر من الصين، بعد بلاغ أمريكي للحكومة الإيطالية حول هذه الشحنة من المعدات العسكرية والطائرات المسيرة.

ولكن هل هذا كاف للحد من التمدد الروسي وتوسيع نفوذها في ليبيا؟ أو بصيغة أخرى. هل ستكتفي أمريكا بقصف بين الحين لما تعتبره تهديدا لمصالحها؟ ومراقبة نشاط نقل الأسلحة عبر البحر ثم التدخل عن طريق حلفائها لمصادرتها؟

إذا كان هذا المستوى من رد الفعل سيحقق الهدف المطلوب فالاجابة نعم، إذ لا رغبة لدى أمريكا وكذلك روسيا في صدام مباشر، ولكن تأثير القصف يمكن لروسيا أن تتجاوزه، وثمة طرق أخرى للإفلات من تفتيش السفن ومصادرة الأسلحة في مؤاني حلفاء أمريكا في البحر المتوسط، ومن ثم فالأقرب والأكثر ترجيحا هو تصاعد الفعل الأمريكي بوضع استراتيجة جديدة للمواجهة، ستكون خلال اجتماع لبعض دول حلف الناتو في واشنطون خلال الأيام القليلة القادمة.

فهل ستتحرك النخب المحلية لمتابعة ومراقبة هذا النشاط عن كثب؟

فالصراع لم يعد في سوريا أو أوكرانيا أو بحر الصين، وإنما في عقر الدار، وإذا لم يكن لنا أي دور فيه، للحد من خطورته على حاضرنا ومستقبلنا، بل والتوجه نحو تحييد ليبيا عن هذا الصراع ، فلن يكون بعيدا اليوم الذي لن تجد أطراف الصراع سلطة أو مال ولا حتى وطن.

 

(المقالات المنشورة  لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل عن رأي كاتبها)