خبير أمني: العملية العسكرية لمليشيا 128 كانت تهدف للسيطرة على الجبال الغنية بحقول الذهب
عبدالكافي : حفتر مهم للغاية لروسيا لأنه الرجل العسكري الوحيد في ليبيا الذي تتوفر فيه كل ظروف وشروط التحالف لتحقيق مشروعها
قال الخبير الأمني والمستشار السابق للقائد الأعلى للجيش "عادل عبدالكافي" إن "الحدث الأهم في أنشطة مجرم الحرب خليفة حفتر في الجنوب الليبي هو تحركاته العسكرية الحديثة أخيرًا ، لتعزيز سيطرته على مناطق الجنوب وإنها جاءت في ثلاثة اتجاهات رئيسية".
وحدد عبدالكافي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، هذه الاتجاهات، بأن الأولى كانت في اتجاه غدامس، والثانية في اتجاه الحدود مع النيجر، والثالثة في اتجاه جبال كالنجا الواقعة في الداخل الليبي على الحدود مع تشاد.
وبحسب عبدالكافي، فإن العملية العسكرية التي أجرتها مليشيا 128، أقوى مليشيات حفتر بالجنوب، في جبال كالنجا، منتصف الشهر الماضي، هدفت للسيطرة على هذه الجبال الغنية بحقول الذهب، حيث تمكنت من طرد مليشيا مكونة من التبو الليبيين يقودهم نجل علي سيدا، الذي كان والده متحالفًا مع حفتر قبل أن ينشق عنه ويستقل بهذه المنطقة وفيما تحقق السيطرة على مناجم كالنجا للذهب مصدر تمويل مهم لحفتر، بحسب عبد الكافي، كذلك تحقق له السيطرة على غدامس سيطرة على حوضها الكبير الذي يحوي 13 تريليون متر مكعب من الغاز، وضمه إلى حقول النفط والغاز الأخرى التي تقع ضمن نفوذه في الجنوب والجنوب الشرقي.
وتوقع عبدالكافي أن الاتجاه إلى غدامس وجبال كالنجا تقف وراءه أوامر روسية، لافتًا إلى أن الاتجاه الأهم بالنسبة لموسكو هو نحو إحكام سيطرة حفتر على الحدود مع النيجر، لإدارة قرابة 18 ممرًّا في المنطقة تؤمن الانتقال السلس للروس والأقل جهدًا لنقل المعدات العسكرية إلى دول العمق الأفريقي، النيجر ومنها إلى مالي وبوركينا فاسو التي دعمت فيها انقلابات عسكرية ومكّنت لحكمها أنظمة تمرد عسكرية موالية لها.
وأضاف "إن المشروع الروسي لبناء الفيلق الأفريقي انتهى في المرحلة الأولى من بناء منظومة لوجستية وقواعد تمركز في ليبيا في الأراضي التي يسيطر عليها حفتر، في قواعد طبرق والخروبة في الشرق، وقواعد الجفرة وبراك الشاطئ وسط الجنوب، بأحدث التجهيزات والتقنيات العسكرية، وبالتوازي بنت وجودًا لها في دول العمق الأفريقي بترسيخ أنظمة حكم عسكرية موالية لها".
وتابع "يترتب على هذه المرحلة مرحلة أخرى، وهي المرحلة الحالية للربط بين وجودها في ليبيا وفي دول العمق الأفريقي عبر الحدود الليبية النيجرية".
ووفقًا للخريطة الطبوغرافية التي يرسمها عبدالكافي، فإن النطاق الجنوبي الغربي على أهمية كبيرة بالنسبة لمشروع الفيلق الروسي، ففي المرحلة الحالية تجهز موسكو لبناء قاعدة عسكرية في ميناء طبرق لتسهيل وصول العتاد العسكري، ونقله برًّا إلى قاعدة الخروبة ومنها جوًّا إلى قاعدتي الجفرة وبراك الشاطئ وسط الجنوب.
وأضاف "في هاتين القاعدتين يتم نشر جزء من الأسلحة والمقاتلين الروس في الداخل الليبي، ويتعيّن نقل جزء آخر إلى دول العمق الأفريقي الذي لن يكون إلا عبر النيجر، ولذا فإن إحكام السيطرة على نطاق الشريط الحدودي مع النيجر جزء أساسي في المرحلة الثانية لانسياب التنقل الروسي عبره".
ووفقًا لمعلومات عبدالكافي، فإن حفتر سيدفع بالقوات البرية التي يقودها نجله صدام نحو قاعدة الماداما التي تقع بعد الحدود النيجرية مباشرة للوجود فيها لتأمين سبل أقل جهدًا وأكثر سرعة في نقل المعدات والأسلحة الروسية عبر الجو من قاعدة الجفرة إلى الماداما أولى القواعد داخل النيجر.
وذكّر عبدالكافي أن مشروع روسيا في منطقة الجنوب الليبي والنيجر يحقق لها العديد من الأهداف، كالحصول على مصادر لتمويل مشروعها من خلال أنشطة التهريب والتنقيب عن الذهب، وكذلك السيطرة على ممرات الهجرة غير النظامية لاستخدامها كورقة لتهديد السواحل الأوروبية الجنوبية، وكذلك الاستحواذ على مواقع الطاقة لخنق أوروبا بحرمانها من النفط والغاز الليبي.
ولفت المستشار السابق إلى أن لليبيا أهمية استراتيجية كبيرة لروسيا لتحقيق مشروعها، فموقعها يسهّل الوصول إلى الدول الأفريقية الحليفة لها، ومن جانب آخر موقع ليبيا يحقق لها مواجهة مباشرة لقواعد حلف شمال الأطلسي (ناتو) في البحر المتوسط، وغير ذلك فتعزيز بناء الفيلق الروسي هدف استراتيجي لتخفيف الضغط جراء الحرب الدائرة في أوكرانيا.
ولكل هذا رأى عبدالكافي أن "حفتر مهم للغاية لروسيا لأنه الرجل العسكري الوحيد في ليبيا الذي تتوفر فيه كل ظروف وشروط التحالف لتحقيق مشروعها الذي لا يبدو أنها تفوت دقيقة في سبيل الإسراع في تنفيذه".
وكانت قوات حفتر قد أعلنت سيطرتها على مناطق واسعةفي الجنوب الليبي ودارت خلالها استباكات متقطعة مع بعض مكونات التبو في تلك المناطق.