حول جولات رئيس الحكومة الخارجية

حول جولات رئيس الحكومة الخارجية

أبريل 17, 2021 - 13:00

عبدالله الكبير.. كاتب صحفي

لايبدو أن لحكومة الدبيبة خطة واضحة المعالم تجاه الدول المنخرطة في الأزمة الليبية، وإن كانت الزيارات الأخيرة للإمارات وتركيا وروسيا تعكس الاعتراف بتأثيرها العميق، ورغبة الدبيبة في الوصول لبعض التفاهمات معها من أجل احداث بعض التحوير في مواقفها أو تحييدها إن أمكن، فلا تضع عبر وكلائها المحليين أي عراقيل في طريق الحكومة نحو توحيد مؤسسات الدولة وتحقيق بعض الانفراج في الأزمات الداخلية.

 الزيارة للدول الخليجية اقتصرت على دولتين فقط هما الكويت والإمارات، ولم تكن وزيرة الخارجية ضمن الوفد الذي اقتصر على شخصيات من عائلة رئيس الحكومة! مايبعث على الشك في جدوى الزيارة وهل كانت ذات طبيعة سياسية؟ ومادام لم يصدر عن حكام الإمارات موقفا واضحا ومعلنا بدعم التحول السياسي في ليبيا عبر الانتخابات، فالزيارة لامعنى ولا قيمة لها. كان ينبغي لهذه الجولة عدم استثناء أي دولة وأن تكون البداية بالسعودية باعتبارها الدولة الأكبر والأكثر تأثيرا ومقدرة على بلورة موقف خليجي داعم للاستقرار في ليبيا.

 الوفد الكبير في زيارة تركيا يكشف أهمية العلاقات مع حليف موثوق يملك قاعدة اقتصادية وعسكرية وعلمية صلبة، فضلا عن تأثيره الإقليمي، مايستدعي ابرام المزيد من الاتفاقيات معه وتفعيل السابقة للاستفادة من إمكانياته الكبيرة، وكذلك لضمان استمرار موقفه السياسي الرافض للانقلابات العسكرية والاستيلاء علي السلطة بالقوة، فتركيا قادرة بهذا الموقف على تكريس حالة التوازن في الصراع السياسي والعسكري، ودفع خصومهما للاقتناع بعدم جدوى خيار الانقلاب، ومن ثم العودة للحوار والمفاوضات، وهو ما حصل مع حكومة الوفاق السابقة وكانت ثمرته دحر قوات حفتر وداعميه بعيدا عن العاصمة والغرب الليبي.

 في زيارة روسيا كان وزير النفط ورئيس أركان الجيش برفقة رئيس الحكومة، أي أن ملف النفط وعقود التسليح كانت أهم بنود المفاوضات مع الجانب الروسي، إذ ترغب روسيا في الحصول على حصة مناسبة لشركاتها من عقود الاستثمار في قطاع النفط والغاز، ولديها عقود سابقة لتوريد أسلحة للقذافي جمد العمل بها بسبب ثورة فبراير وسقوط القذافي. ولكن هل كان التدخل العنيف لروسيا فقط لأجل مصالحها الاقتصادية؟ وليس ضمن استراتيجيات بوتين بالتمدد الجيوسياسي في المنطقة، واستعادة الدور الدولي السابق للاتحاد السوفياتي، مدفوعا بما حققه في سوريا، وتحقيقا لحلم قديم داعب السوفييات بالحصول على موطئ قدم على ضفاف المياه الدافئة جنوب المتوسط في خاصرة الجناح الجنوبي لحلف الناتو؟

  لم تشمل جولات الدبيبة الخارجية اليونان، فليس ثمة مصلحة أو دافع لزيارتها، فهي دولة غير مؤثرة ولا أوراق لديها في الأزمة الليبية، ولما فشل رئيس الحكومة اليوناني في الحصول على مايريده حين زار طرابلس مؤملا اقناع الدبيبة بإلغاء مذكرة التفاهم البحرية بين ليبيا وتركيا، قام بدعوة رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، الذي سبق وأن طرده حين كان سفيرا لليبيا بأثينا، عله ينتزع منه وعدا بإلغاء مذكرة التفاهم المبرمبة بين حكومة السراج والحكومة التركية، لكن المنفي بين للحكومة اليونانية أن اتفاق جنيف لا يمنحه حق عقد أي اتفاقيات أو معاهدات دولية، أو عقد اتفاقيات جديدة، وكل ما يمكن للسلطة الجديدة أن تفعله هو الشروع في المباحثات الثنائية حول الحدود البحرية بين ليبيا واليونان، وإذا تكللت المباحثات بالنجاح تتولى السلطة المنتخبة المقبلة تتويجها بإبرام اتفاقية تحفظ حقوق البلدين.

 رغم أهمية التواصل مع الدول المنخرطة في الأزمة لدفعها نحو التدخل الايجابي مع ضمان مصالحها، إلا أن ذلك ينبغي أن يمضي بشكل متواز مع معالجة الأزمات المعيشية التي يعانيها الناس وفي مقدمتها التصدي لجائحة كورونا وتوفير السيولة النقدية وحل أزمة انقطاعات الكهرباء، من دون أن نتجاهل تلكؤ البرلمان في إقرار الميزانية لكي تتمكن الحكومة من الشروع في تنفيذ بعض وعودها، فالوقت ينفد وإذا كانت الحكومة صادقة في الالتزام بموعد الانتخابات، عليها أن تستغل الدعم الدولي الذي حظيت به في الحصول على إقرار الميزانية من البرلمان، أو الطلب من البعثة الأممية بإحالة الأمر إلى لجنة الحوار السياسي.

(المقالات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل عن رأي كتاّبها)