الأيام الحاسمة لخطة المبعوث الأممي

الأيام الحاسمة لخطة المبعوث الأممي

مارس 08, 2023 - 10:21

بقلم الكاتب/ عبدالله الكبير

التحرك الدولي في الملف الليبي، والتلويح بتفعيل خيارات بديلة، إذا استمر تلكؤ ومماطلة الأطراف الليبية، شكل تحديا دفع هذه الأطراف وحلفائها الإقليميين إلى الاستجابة الجدية، ومحاولة استباق تحول ملف الانتخابات إلى مجلس جديد تشرف عليه وتقوده البعثة الأممية، وربما تكون هذه الاستجابة هي هدف عرضي لهذا الحراك الدولي الذي تقوده أمريكا وبريطانيا، ومن ثم تكون بدائل المبعوث الأممي بإعلانه عن تشكيل اللجنة التوجيهية العليا للانتخابات، مجرد وسيلة للضغط، فقد لا تجد طريقها للتنفيذ، إذا توصلت الأطراف المتنازعة في مجلسي النواب والدولة، إلى توافق حقيقي يقود إلى انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، ولكن هذا يبدو بعيد المنال حتى الآن، فلا إرادة أو رغبة حقيقية في التنحي لدى سلطات الأمر الواقع، ولا نية لإعادة الأمانة للشعب لينتخب قادة جدد لإدارة البلاد. 

التعديل الثالث عشر هو ما تحقق حتى الآن، ولكنه لا يلبى المطلوب ومايزال بحاجة إلى توافق أوسع وقوانين واضحة للانتخابات، وجدول زمني، وهي خطوات ليست سهلة ولن تكون في المتناول، على الأقل خلال موعد لا يتجاوز نهاية شهر أبريل المقبل، ومع ذلك رحب المبعوث الخاص والسفير الأمريكي في ليبيا ريتشارد نورلاند بالتعديل مشيرا إلى إمكانية البناء عليه عبر اللجنة المزمع تشكيلها، وفي نفس الوقت يدعو الأطراف الليبية إلى التعاطي مع اللجنة بإيجابية، وهذا يدل على أن الخيار الاممي مايزال هو الاقرب للتنفيذ.

 تشكيل لجنة تجمع أعضاء من المجلسين بواقع ستة من كل مجلس، هي الخطوة التالية، ولم تتحقق حتى الآن في مجلس الدولة لعدم اكتمال النصاب، ومع ذلك من غير المتوقع استسلام رئيس المجلس، إذ قد يلجأ إلى اختيار ست أعضاء عبر جمع تزكيات من بقية الأعضاء، واحالتهم إلى مجلس النواب، لا يواجه رئيس مجلس النواب مثل هذه الصعوبة في تسمية فريقه، غير أن عدم قبول أطراف فاعلة بهذه الخطوات، والمخالفات التي وقعت في جلسة مجلس الدولة لاعتماد التعديل الثالث عشر، فضلا عن الطعون المطروحة على منضدة الدائرة الدستورية في سلامة إجراءات التعديل، سيدفع الأطراف الدولية إلى التمسك بخطة المبعوث الأممي.

 حجم الاصرار الدولي على اعتماد خطة المبعوث الأممي، وتنفيذ الانتخابات في نهاية هذا العام، يمكن الوقوف عليه في التصريحات المتشنجة لبعض أعضاء مجلس النواب، التي وصلت إلى التهديد بمقاطعة البعثة الأممية وعدم التعامل معها، وتصريح رئيس مجلس النواب أثناء استقبال السفير الياباني، بإلاعلان عن الاستعداد لتعديل القوانين الانتخابية، فهذه المرونة غير معهودة سابقا، وتجاوب رئيس مجلس الدولة مع التعديل الثالث عشر، والإصرار على تمريره، رغم أن مجلس النواب أصدره ونشره في جريدته الرسمية، ولم ينتظر موافقة مجلس الدولة. كل هذا التسارع وردود الفعل يعكس الضغوط الهائلة من أمريكا وحلفائها على الأطراف الليبية من أجل تنفيذ الانتخابات، فهي السبيل لإنهاء الانقسام وتجديد الشرعية، وتشكيل سلطة منتخبة تتمتع بكل الصلاحيات، وبالتالي تضييق الخناق على الوجود الروسي في ليبيا، غير أن كل هذه الجهود معرضة للاحباط، من بعض الأطراف الدولية والإقليمية الفاعلة مثل روسيا ومصر، وهذا يكبح الإفراط في التفاؤل حول إمكانية إجراء الانتخابات خلال هذا العام، فالأزمة ماتزال مفتوحة على كل الاحتمالات، والأيام القليلة القادمة ستكون حاسمة في تحديد مصير خطة باتيلي.

 

(المقالات المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل عن رأي صاحبها)